قصة تتحدث عن واقع فتاة (س)
على فكرة هذا الموضوع من مجلة فلسطين الشباب
21 عاما، لم أتممها بعد، لا تكفي لأتحدث عن خبرتي في هذا المجال. لكن يسعدني أن أتحدث عن تجربتي الشخصية.
منذ كان عمري 14 عاما- هذه السن أعتبرها مرحلة نضوجي ووعي الأنثوي وإحساسي بوجودي كفتاة- ولسبع سنوات، وربما أكثر، وأنا أسير في نفس الطريق التي أسير بها دائما في نابلس: منطقة الدوار– سوق البصل– شارع النصر- باب الساحة – عبورا بإحدى الحارات القديمة، متوجهة الى منزلي. منذ كنت طالبة في المدرسة وأنا أسير بنفس الطريق. وقد أصبحت من عاداتي الحياتية وواجبا يوميا. وهذا أمر طبيعي. لكن غير الطبيعي أن لا يمل الناس الذين يرونني يوميا من النظر إلي، وانتظار قدومي (بدون مبالغة)، وتفقد ما أرتديه من رأسي حتى أخمص قدمي، وتكرار الأسطوانات المملة والتعليقات السخيفة والمضجرة في ما بين أصحاب المحلات على مسمع مني. والأمر مشابه كذلك في الجامعة (جامعة المثقفين)!
قد لا أكون الوحيدة، لكن الأمر يستحق الحديث عنه، وهو بحاجة لنقاش طويل. وأنا أعتبره نوعا من الأمراض الاجتماعية.
المهم، عندما كنت طفلة «مراهقة»، كان هذا يشعرني بسعادة غامرة، ويرضي غروري، ويشبع أنوثتي، ويزيد ثقتي بنفسي. لكن الآن، أشعر أن الأمر قد زاد عن حده، وتخطى وضعه الطبيعي. فأنا الآن أكبر سنا، وأقدر الأمور بمنظور مختلف. لم أعد تلك الطفلة التي «يطقس» عليها، بل أنا فتاة ناضجة، ذات شخصية قوية مثقفة متعلمة، أستحق الاحترام ، لا أن أعامل بهذه الطريقة.
تحولت تلك السعادة الغامرة إلى شعور بالاشمئزاز من أولئك الأشخاص التافهين. أصبحت أنظر إليهم نظرة احتقار، فهم لا يقرأون في المرأة سوى جسدها.
يا الله! لن أستطيع أن أصف شعوري بالقهر عندما يراني الرجال جسدا لا عقلا.أن يرو جمالي الشكلي فقط لا جمال روحي، وإبداعي بالتفكير، ورقة مشاعري، وقيمة وجودي.
قد يقول البعض «مش كل أصابعك واحد». أجل، أنا أعرف ذلك. وحديثي هذا ليس عنهم بل عن أولئك الذين يفكرون بطريقة همجية. لا يحترمون الأنثى، ولا يعترفون بوجودها أو يقدرون إحساسها.
كم أشعر بجرح في كرامتي عندما يرمقني شخص بنظرة أو يرميني بكلمة. وكم أشعر برغبة في ضربه أو توجيه إهانة له لأعلمه بعدم ضعفي، وعدم قبولي بتصرفاته وعدم سكوتي عليها.
على فكرة، التعليقات التي أتعرض لها لأشخاص تتراوح أعمارهم مابين (16-55)عاما. والمثير للاشمئزاز أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين (35-55).
وأود أن أشير إلى أن هذا نوع من أنواع التحرش الجنسي. قد يعتقد البعض أن التحرش الجنسي يكون بطريقة اللمس، لكن مفهومه أوسع بكثير من هذا المدى. فحتى النظرة قد تكون تحرشا جنسيا جارحا لمشاعر الأنثى. وكم أتمنى على المؤسسات الداعمة للمرأة إضافة هذا الموضوع إلى ساحات نقاشها، لا أن تقصر ندواتها عن «العنف ضد المرأة». فهذا النوع من التحرش أسوأ من العنف بألف مرة. (وبعدين وينو العنف اللي داوشينا في تقولو كل يوم بتموت وحدة من الضرب!!).
وللعلم ، أنا محجبة لكني لا أرتدي الزي الشرعي، وأنا لست خارقة الجمال.