هاي قصة صرصور عانى في حياتو ... كنت اعيش وحيدا مع بعض العائلات من نوعي في مدينة كبيرة ، هي ليست مدينة ، بل هو بيتهم ، لكنه واسع الارجاء مترامي الاطراف .
كنت اتمشى كل يوم في شارع المدينة الرئيس الذي يطل على اكبر محل تجاري يرتاده الكثيرين من ابناء شعبي ، لا اعرف ، لكن البشر يسمونه ( المطبخ ) .
يا الهي انهم لا يتركون لنا فرصة للعيش معهم بسلام ، يضعون طعامهم في مبنى كبير لكنه بارد جدا ، لا استطيع دخوله ، و احيانا يتركون لنا طعاما على حافة الجدار ، طعمه لذيذ لكنه مميت ، ذهب ضحيته الكثير من اطفال الحي الصرصوري في المدينة .
ذات يوم ذهبت الى عملي كعادتي ، ( فانا اعمل في حملات التوعية الصحية في المؤسسة الصرصورية ) ، و اذا باجهزة التلفاز و المذياع الصرصوري ، تنادي بان علينا الهروب و النجاة بارواحنا و بسرعة ، حيث ان القوات البشرية تهاجم الحي بالمدرعات و المدافع ، غارات جوية هنا و هناك ، و الالاف من ابناء الحي يتوافدون الى المخرج الرئيس للمدينة ، منهم من استطاع الخروج و منهم من سقط نتيجة الغدر البشري ، يقتلوننا بدون رحمة ، لا يميزون الاطفال من النساء .
لم اكن اتوقع مثل هذه الاحداث ، اننا لا نختلط بهم ، حتى انهم لا يعرفون ما يحدث بيننا .
ذهبت قليلا لاسافر الى عالم الخيال ، ربما اجد حلا لهذه المشكلة ، لكن بدون جدوى ، فانا لست سوى صرصور تافه ، صغير الحجم ، لا يساوي رايي شيئا بالنسبة لهم ، و هم ايضا لا يعرفون لغة الحوار ، كل ما يفهمونه العنف و القتل ، الى متى ؟ الى متى سنبقى على هذا الحال ؟
نهضت من خيالي على صوت اطلاق القذائف ، يا الهي اسرتي ، ماذا حل بهم يا ترى ؟ اين هم ؟ و كيف ساجدهم ؟
اخذت اركض بكل ما اتاني الله من قوة حتى اصل بيتي ، و لحسن الحظ و جدتهم ، لكن حدث ما كنت اخشاه ، قذيفة تصيب بيتي و اطفالي نيام ، لم استطع ان امنع دمعتي من ان تشق طريقها ، النيران تشتعل من حولهم ، و زوجتي تسعى لانقاذهم ، و تلك الحال الماساوية لم تنته حتى وصلت سيارة الاسعاف ، و كان لهم الفضل بانقاذهم اطفالي ، ما زلت احمد الله على سلامة اطفالي ، فلحسن حظي لم تصبهم الا جروح بسيطة .
حملتنا سيارة الانقاذ الى المخرج ، وسط النيران ، كانت صواريخهم احذية بكل الاشكال و الالوان ، و مدافعهم خراطيم المياه المندفعة .
استطعنا الهروب و اخيرا ، بدون ان ترانا تلك القوات الغادرة ، نظرت الى حينا نظرة الوداع الاخيرة ، و الدموع تنهمر من عيني ، تذكرت ايامنا الجميلة و الناس الاوفياء ، و طفولتي البريئة .
بعد حوالي اسبوع من تلك الحادثة ، استقرت عائلتي في احدى المدن المجاورة ، لم اكن اعرف احيائها جيدا ، لكن ما كنت اعرفه هو ان هناك حي صرصوري في المدينة ، كنت شديد الفرح لان جيراني طيبين و اكرمونا اكراما جيدا ، فاقاموا خياما للاجئين و قدموا المساعدة لهم .
في تلك الفترة و في يوم من الايام جلست استمع لنشرة الاخبار مع اصدقائي في المخيم ، و اذا بخبر مفاده ان هناك توقعات بحدوث نكبة جديدة ، في المدينة التي رحلنا اليها ، و لكن كيف يحدث هذا ؟ شيء غريب فعلا ، هذا ما دعا السيد رئيس المجلس الصرصوري للمبادرة بعقد هدنة مع القوات البشرية ، و تم الاتفاق و سادت الفرحة ، فقد اصبحنا الان في امان .
لكن هذا الامان تلاشى مع بدء الحملة الهجومية البشرية ، ان ما حدث بحينا القديم قد تكرر ، يبدو انني لن اعيش هنيئا طوال حياتي
و لانني فقدت وطني في البداية ، سافقد اهلي ، سافقد عائلتي التي اصبحت في عداد القتلى .
و ارحل لوحدي ، لا اعرف ماذا يخبئ لي مستقبلي ، رحلت لكن هذه المرة الى مكان مختلف لم اعتد عليه ، مكان يحوي الحشرات باشكالها و انواعها ، ربما لن استطع العيش في هذا المكان ، فهناك حشرات اكبر مني حجما لن استطيع الدفاع عن نفسي و انا وحيد ...
لكن في هذا العالم ، القوي ياكل الضعيف ، لا مجال للشفقة ، عرفت و اخيرا كيف اسخر قوتي لمصلحتي لي فقط ،
فانا مخلوق ضعيف مثل باقي المخلوقات اسعى للحياة السعيدة .
و انتهت قصتي عندما استيقظت من نومي لاجد نفسي انسانة ، افكر و اتامل هذه الحياة ، بعدما كان الحلم درسا مفيدا ،
و بالفعل هذا الشي الوحيد الذي كنت احاول الوصول اليه ، و ها انا وصلت اليه ، ليس بشئ ،
فقط بالحلم لكنه لم يكن كل شيء ، فانا حتى لو عرفته ما ازال اجهله ، علي بالعمل و العمل الجاد .