عندما تتجول في تلك القرية التي يغلب عليها اللون الأحمر، قرية بيت فوريك البطلة، والتي قدمت العطاء الكبير وما زالت تقدم من أبنائها الرفاق من شهيد وأسير وجريح، لتدرك أن تلك القرية التي ينطق حجرها بحب فلسطين، تشعر وكأن طائر الفينيق يرفرف في سماء تلك القرية، فليس غريباً أن نرى شهيداً من بيت فوريك يقدم روحه ونفسه رخيصة لفلسطين، وفي نفس الوقت وفي مكان آخر في بقعة من بقاع وطننا الغالي ينفض طائر فينيقي آخر نفسه من الرماد ليزلزل ويؤدي رسالته وواجبه تجاه هذا الوطن.. فكل التحية لأهل بيت فوريك.. التي لم ترتعب من تلك المجزرة المفزعة التي صب فيها الاحتلال الصهيوني حمم غضبه على تلك البلدة عقب اغتيال المجرم زئيفي ليوصل رسالة للجبهة آنذاك.. ولكن مفهوم الرسالة كان واضحاً من كتائبنا بأن تلك الدماء الزكية ستكون وقوداً للعطاء والثورة ولن تستطيع أن تحيد مسارنا، وتنزع روح المقاومة من صدورنا.
والتحية لأبناء حنني في بيت فوريك الكرام الصامدين الواعدين الصابرين على جرحهم.. فمن ينجب بشار حنني، وحكم حنني والعشرات من أبناء هذه العائلة المقاتلة لا يموت، فلنتذكر تلك النبوءة التي تحققت على أيدي رفيقنا ابن بيت فوريك سائد حنني... كان الجميع يعلم علم اليقين أن كتائبنا العملاقة لن تسكت، ولا تنسى دماء أبطالها فكان رد رفيقنا سائد بتفجير جسده الطاهر في ما يسمى بيتاح تيكفا، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة صهاينة وعشرات من المصابين... فقد ترجل البطل وانتقم للشهداء.. وللقادة فادي حنني، وجبريل عواد.. وأثبتت فيه الكتائب من خلال هذه العملية أنها وفية لرفاقها ....فمن أنجبت جبريل وفادي وسائد لهي قادرة على العطاء، وتلقين العدو الدروس تلو الدروس.
وإلى شهيد حنني آخر اسمه أزهر الذي أبى إلى أن يستشهد بكرامة كشيم الجبهاويين فاخترق الحصون.. وقام باقتحام مغتصبة (ألون موريه) مع رفيقه في السلاح محمود حنني وقتل وأصاب الكثير.
وتعود بنا الذكريات إلى رفيقنا الشهيد عنان حنني، الذي نفذ عملية جبل الطور الاستشهادية، والتي قتل فيها 8 صهاينة وأصاب العديد من قوات الاحتلال.. كنت دائماً شامخاً كجبال نابلس فلقد حطمت الأسطورة، وقاتلت ببراعة.. واستشهدت بكرامة.
وليس ببعيد عن بيت فوريك نذهب إلى بيت دجن الصامدة التي أنجبت القائد كمال أبو حنيش أسد المعتقلات ولهيب الجبهة الجارف فقد كان ملهم الكتائب الأول وأحد مؤسسيها الأ وائل ، والذي يبدو أنه حفظ عبارة رفيقنا أبو غسان عندما قال " أينما أكون ستكون ساحات نضال" بالتأكيد لم يستطع الاحتلال الصهيوني باعتقاله الرفيق حنيش أن يختزل روح المقاومة من داخله بل ازداد يقينه بعدالة القضية حتى خلف القضبان.
وإلى القلعة الحمراء.. قلعة الشهداء.. مخيم عين بيت الماء وإلى شهداء آل مبروك البررة.. نتذكر شهيدنا الرفيق عماد الذي أبدع في نصب الكمائن وزرع العبوات والاشتباك مع جنود الاحتلال، فكانت سبباً في ازدياد المحاولات الحثيثة من قبل القوات الصهيونية لاغتياله، فكان ينجو منها بأعجوبة، إلى أن نال شرف الشهادة بعد اقتحام الصهاينة لمنزله، حيث قامت بإطلاق أكثر من اثنين وسبعين رصاصة على جسد الشهيد، مما يدل على حقدهم الأعمى، ورهبتهم من جسد ميت كان رصيده في هذه الحياة هو حب الوطن، كما نذكركم بالرفيق الشهيد إياد رماحة ابن مخيم عين بيت الماء والذي كان شديد الحب لوطنه وأرضه التي رواها بدمائه هو ورفاقه من الشهداء، فقد كان يردد دائماً(( أن نموت على هذه الأرض رجالاً … خير من أن نحيا عليها جبناء ))، فاستشهد رفيقنا البطل إياد في عملية استشهادية أوقعت العديد من القتلى والجرحى في صفوف العدو الغاصب، إثر اقتحام مغتصبة ايتمار جنوبي مدينة نابلس بتاريخ 21/6/2002، فالمجد للشهداء...
وإلى كل قلاع نابلس الأخرى دير الحطب، رفيديا. سالم، عصيرة الشمالية، طمون، وبيتا، وعقربا، وطلوزة، وعورتا، وجماعين، وبرقة، وسالم، والزاوية، وكفر الديك، وقرية تل، والفارعة، وسبسطية، وبيت إيبا، وحارس، وقبلان، وبيت أمرين...و إلى رفيديا، ودير بلوط، ورجيب..و حوارة مخزن الصابرين والتي كان لحاجزها نصيب الأسد من غضب النسور.
وأخيراً عسكر التي أنجبت الشهيد الرفيق أسامة بشكار الذي ارتفع في سماء المجد محلقاً، لقد تأثر رفيقنا أسامة بأحداث الاجتياح الأول لمدينة نابلس ومخيماتها وقام العدو الصهيوني وجرائمه البشعة فيها وكانت من هذه الجرائم اغتيال رفيقنا الشهيد محمد الغندور واغتيال العديد من المناضلين من مختلف الفصائل، وجرح الكثير، فقرر شهيدنا أسامة إلى أن يرسل للعدو موجة غضب جبهاوية هائلة فقام باقتحام مغتصبة نتانيا فقتل أكثر من أربعة صهاينة وأصاب العشرات منهم، في عملية هزت أركان المستوطنات الصهيونية المحصنة..نعتبر شموخك يا رفيق أسامة وكبريائك هو بوصلتنا للتحرير.
عش الدبايير يتحدى قوات الاحتلال:
مخيم العين هو إحدى مخيمات اللاجئين الملاصق لمدينة نابلس من جانبها الغربي، سمي بقلعة الشهيد محمد فحماوي الناشط في الجبهة الشعبية الذي استشهد عام 1988 في عملية اغتيال صهيونية، بعد حياة حافلة في النضال.
وفي الآونة الأخيرة أصبح المخيم الهدف اليومي المفضل لجيش الاحتلال الذي يجتاحه بشكل متواصل بهدف القضاء على قوى المقاومة الفلسطينية، حيث أصبح عنواناً للعزة والكرامة، أو عش الدبابير، ومصنع الأبطال من رجالات كتائب أبو على مصطفى، كما أطلق عليه البعض ومن منا لا يتذكر معركة وادي التفاح الأسطورية والتي خاضها رفاقنا في الجبهة واستبسل فيها، ومن منا لم يتذكر عشرات الكمائن، والعبوات الناسفة التي كانت تنفجر في قوات الاحتلال بالقرب من مخيم.
لنرثي رفيقنا وشهيدنا ناصر مبروك ابن البلدة الذي استشهد اثر مواجهة بطولية أذاق فيها رفاقنا وأبطالنا العدو الموت على طريقة الجبهاويين.
الأسباب التي أعلنها الاحتلال الصهيوني لاجتياح المخيم هي :
ادعت قوات الاحتلال أن كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى بدأت تنشط بجميع قرى نابلس وتتركز بقوة تحديداً في مخيم العين، والبلدة القديمة، كما اعتبر عش الدبابير للكتائب هو مخيم العين، حيث أصبح هذا المخيم هو شغلهم الشاغل لوسائل الإعلام الصهيونية، حيث شعر الصهاينة بخطورة الموقف في مخيم العين، حيث سجلت تكتيك جديد ابتدعه رفاق الكتائب بمخيم العين، واعتبروها تهديد مباشر لقوات الجيش، فقد أكد أحد المحللين العسكريين لإذاعة الجيش الإسرائيلي في أكثر من مقابلة أن الجيش الإسرائيلي تعرض في أكثر من مرة لهجوم مباغت من رجال الكتائب، كما قام رجال أبو على مصطفى بتفجير عبوات ناسفة على جوانب الطرق، مما شكل نقلة نوعية قتالية أثبت فيها فوارس أبو على مصطفى أنهم من أشرس المقاتلين في الضفة الغربية وفي نابلس تحديداً، فقد كان أسلوب المبادرة بالهجوم والالتحام المباشر مع قوات الاحتلال التي تقتحم المخيم وإطلاق الرصاص عليها هو سابقة جديدة ، ستؤدي مستقبلاً إلى تطور الفكري القتالي للفصائل الفلسطينية.
كما أن الكتائب قد نفذت العديد من الهجمات الجريئة في الفترة الأخيرة في نابلس مما أدى إلى قتل ثلاث جنود ومستوطن وإصابة 18 آخرين، كما ادعت قوات الاحتلال أن كتائب أبو علي مصطفى بالاشتراك مع كتائب القسام تخطط لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل، فخلال الأشهر الرابعة الأخيرة اعترف العدو الصهيوني بقتل ثلاث جنود ومستوطن، بالإضافة لإصابة ثلاث جنود رغم أن كل المعطيات تؤكد أن الخسائر كانت أفدح من هذه المعلنة، كما شهد مفترق سالم، ودير الحطب عمليات تفجير جيب عسكري واعترف العدو بإصابة جنديين.
كما أصيب مستوطن بجراح خطيرة في مغتصبة آلون موريه، وإطلاق النار على الحواجز حوارة، وبيت إيبا، وأيضاً كان مخيم بلاطة ليس بعيداً عن تلك الأحداث فقد أصيب ثلاث جنود خلال الفترة الأخرى، وأعلنت كتائب أبو على مسئوليتها المشتركة، مع كتائب القسام والأقصى عن تلك العمليات، فضلاً عن عملية قامت بمفردها بتنفيذها.
كما أن إتباع عناصر الجبهة الطابع السري، أحجم كل المحاولات الصهيونية لاعتقال أو اغتيال أو ملاحقة أي أحد منهم.
تفاصيل معركة مخيم العين التي أطلق عليها " غضب المخيم" كما يرويها رفاقنا:
في الثامن عشر من شهر أيلول الماضي، وفي الساعات الأولى من المساء اخترقت أصداء الآليات والدبابات الصهيونية سكون الليل لتتقدم إلى مداخل مدينة نابلس حاجز حوارة، وبيت فوريك، وبيت إيبا، والطور وحاجز17، مما شكل قناعة للمقاومة بأن الساعات المقبلة ستكون حبلى بالأحداث والتطورات، ولن تأتي بأحداث طبيعية، مما حذا برفاقنا إلى الاستنفار الشديد والتفكير بروية عن كيفية المواجهة التي أصبح لا مناص منها، حيث تأكد الرفاق فعلاً واقتنعوا أن تلك الحشودات ستدخل فعلاً البلدة القديمة، ومخيم العين ذلك المخيم الذي أوجعهم وآلامهم بشكل غير مسبوق هذا العام، بعملياته الموجعة ضد جنود وآليات الاحتلال.
أخذ المقاومون يجهزون إمكانياتهم لمواجهة هذا الهجوم غير المسبوق على المخيم والبلدة القديمة، رغم تواضع الإمكانيات التي لا تذكر أمام الآلة العسكرية الصهيونية الضخمة
وعقدت قيادة كتائب أبو على مصطفى في مدينة نابلس اجتماعاً موسعاً لقادتها لتدارس العدوان الصهيوني الآت بلا محالة، لمواجهته والتشاور في أنجع الطرق لصد هذا الإجرام الصهيوني والوسائل الكفيلة بمواجهته مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات، وقد خرجت الكتائب خلال هذا الاجتماع بقرارات صارمة كان أهمها دعوة جميع أعضاء وعناصر وكوادر الجبهة، والرفاق في كتائب الشهيد الخالد أبو على مصطفى للاستنفار العام للتصدي للقوات الغازية مهما كلف الثمن، حيث اتفق الجميع على ضرورة الانسحاب التكتيكي من مخيم العين إذا تجاوز الاجتياح والحصار الأيام التي اتفق عليها في الاجتماع.
وكانت إحدى قرارات الكتائب هو التركيز على مخيم العين وبسرعة إمداده بكافة الإمكانيات البشرية والمادية , لان التقديرات شكلت قناعة أن هذا الهجوم ستكون وجهته الرئيسية مخيم العين.
الخطوات التمهيدية للمعركة:
قام رفاقنا الميامين بزرع العبوات الناسفة بكل شارع وزقة بالمخيم,وأعطيت التعليمات لأن يكون لدى كل مقاوم كافة اللوازم والاحتياجات التي تضمن صموده في مواجهة العدوان، كما قررت الكتائب أن يكون العمل على شكل خلايا لا يزيد عدد أفراد الخلية الواحدة فيها أكثر من ثلاثة رفاق، ومن الطبيعي أن تغلق كافة الهواتف النقالة، وأعطيت تعليمات شديدة اللهجة من قيادة الكتائب إلى الرفاق بعدم الاتصال واستخدام تلك الهواتف إلا بطريق آمنة احتياطاً للمراقبة.
جاهزية واستعداد :
خلال ساعة واحدة كانت كل التعليمات في حيز التنفيذ, وكان الرفاق في الكتائب على أتم الجاهزية للتصدي للعدو الصهيوني فيما إذا اقتحم المخيم, ولم ينسى الرفاق التنسيق مع فصائل المقاومة في المخيم وعلى رأسها كتائب القسام في المخيم، حيث اتفقوا على الوقوف جنباً إلى جنب خلال المعركة مع الاحتلال الصهيوني .
وبعد منتصف الليل تحركت الآليات العسكرية تجاه المدينة من كافة المحاور متجهة نحو مخيم العين، وبدأ حينها جيش الاحتلال الصهيوني ترافقه طائرة أباتشي بحصار المخيم من كافة المحاور وأكثر من طائرة زنانة تحلق في سماءه .
وفي تمام الساعة الثانية صباحاً تقريباً بدأ الجيش باقتحام المخيم من كافة المحاور في وقت واحد, وحولت القنابل المضيئة التي أطلقها ليل المخيم إلى نهار.
العبوات الناسفة تطاردهم وتقتل ضابطاً وتجرح العديد:
بمجرد دخول الجيش الصهيوني إلى المخيم كانت العبوات تتفجر في كل مكان والرصاص يطلق عليهم من كل جانب, وسكان المخيم يهتفون بأعلى صوتهم يحيون كتائب الشهيد أبو علي مصطفى ويشدون من معنوياتهم, وأثناء تلك المعارك وإحدى هذه الاشتباكات استشهد الرفيق محمد رضا خالد الذي واجه بكبرياء تلك الآلة الرهيبة فقتل ضابطاً صهيونياً وأصاب آخر، واعترف العدو الصهيوني بهذه العملية المفزعة له والتي لم يتوقعها.
إذا لقد فك الرفيق محمد رضا خالد شفرة ذلك السر، وتلك الأسطورة التي تزخر بها مخيم العين، فقد كانت معركة حقيقية بامتياز، وإن كانت لأحد رفاقنا القدرة على المواجهة والالتحام المباشر لقوات الاحتلال، وأن ينجح في قتل وجرح العديد، فإن هذا دليل على أن المعركة كانت شديدة، وأن كتائبنا المظفرة وباقي فصائل المقاومة قد لطمت العدو الصهيوني لطمه قاسية في بداية تلك المعارك.
وفي اليوم الثاني وبعد الفشل والخسائر الذي تكبدته قوات الاحتلال دخلت تعزيزات كثيرة من الجيش الصهيوني للمخيم, وكأن الحرب مع دولة وليست مع عدد قليل من الرفاق .
التزود بالذخيرة:
مع شراسة المواجهات و دوي الانفجارات والاشتباكات المستمرة كان هناك خوف من أن تنفذ الذخيرة, فتسلل احد الرفاق من الكتائب برغم الحصار الخانق خارج المخيم ليجلب الذخيرة, ومع شدة المعارك ظن الرفاق أن الرفيق لن يستطيع العودة إليهم، إلا أن الرفاق تفاجئوا بعودته ومعه الذخيرة وخمسة رفاق آخرين من كتائب أبوعلي مصطفى , وهنا بدأت المعركة من جديد أكثر عنفا وأكثر هجوما من السابق.
مع اشتداد المعركة داخل المخيم وهذا التصدي الأسطوري الذي قادته الكتائب وبدون مبالغة لم يستطع الجيش الصهيوني من التحرك والتنقل في شوارع وأزقة المخيم, فعمد إلى اقتحام المنازل وتفتيشها تفتيشا دقيقا بمساعدة الكلاب والأجهزة الالكترونية المتقدمة بحثا عن الرفاق.
فلقد كانت كل الأمور في طريقها إلى أن تتكرر تجربة مخيم جنين من شدة المقاومة، هذا الأمر الذي جعل الجيش يتنقل فقط من خلال المنازل, حيث كان يقوم بهدم الجدران لينتقل إلى منزل آخر فدمروا عشرات المنازل ليتربصوا للمقاومة ويحشروهم في مربع ضيق، إلا أن رفاقنا كانت لهم بالمرصاد.
وتفاجئ الجيش الصهيوني إلى أن النيران والقنابل تطلق عليه من المنازل الذي يتم تفتيشها, وبهذا فشلت محاولاته بحصر المقاومة في مربع واحد كما أراد، فجن جنون الجيش الصهيوني فأصبح يطلق النار على كل من يتحرك بالمخيم بشكل عشوائي ينم عن الخوف والهلع والجزع, حيث أصابت تلك الرصاصات الغادرة الشهيد المقعد ذوي الاحتياجات الخاصة الشهيد أديب سليم الداموني وهو داخل منزله، فكانت جريمة جديدة تضاف إلى سجل الجرائم الصهيونية.
وعمد بعد ذلك الجيش الصهيوني إلى تفجير المجاري في المخيم وتفجير مغارة ملاصقة لبيت جاد حميدان الذي يعتبره الاحتلال من اخطر مطلوبي كتائب أبو على مصطفى في نابلس ومخيم العين تحديداً.
تدمير بيوت النسور:
مع ازدياد الصمود والتحدي قام الجيش الصهيوني بتدمير بيوت الرفاق , فقام بإخلاء بيت القائد جاد حميدان من السكان وتفجير المخازن مما أدى إلى انحراف البيت بشكل واضح وغير صالح للسكن، وقام أيضاً بهدف منزل الرفاق من عائلة مبروك , منزل الشهيد ناصر والشهيد عماد والأسير أيمن الذي أصيب واعتقل قبل اجتياح المخيم، كما قام بهدم بيت أبو ناصر مبروك , ليشرد أكثر من ثلاثين فردا بلا مأوى، فضلاً عن تخريب منزل القائد مجدي مبروك الذي تتهمه قوات الاحتلال بقيادة الكتائب بالمخيم.
اعتقالات وتحقيقات ميدانية:
لم يكتف الاحتلال بذلك العمل الإجرامي, بل اخذ يعتقل المواطنين ويخضعهم للتحقيق الميداني، طالباً،منهم أن يخبروه أين يختبأ فرسان كتائب أبوعلي مصطفى, فما كان من احد المواطنين إلا أن قال لهم "إنهم لا يختبئون فها هم أمامكم يطلقون النيران عليكم ويفجرون العبوات فيكم فماذا تريدون منا نحن ؟؟؟؟؟؟؟
وطالت الاعتقالات بالمخيم الكثير من المواطنين, وخلال هذه الحملة المسعورة تم اعتقال القائد القسامي نهاد شقيرات ( أبو النسيم ) بعد قتاله بشراسة القوات الغازية، حيث نفذت ذخيرته.
هزيمة ساحقة.. وانسحاب:
في اليوم الثالث ومع ازدياد خسارة العدو في المخيم بدأ الجيش الصهيوني بالانسحاب وسط هدير وأصوات الاشتباكات التي لم تتوقف على مدار ثلاثة أيام متواصلة، حيث من الواضح أن قوات الاحتلال باتت على قناعة أنها وقعت في فخ فرسان أبو على مصطفى، وأنها إن استمرت بالمواجهة بالمخيم ستخسر الكثير، ولذلك في تمام الساعة الرابعة تقريبا كان الجيش يخرج من المخيم مذلولاً مهزوماً يجر أذيال الخيبة على أيدي كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى.
وخلال الانسحاب كانت كتائب الشهيد أبوعلي مصطفى قد نصبت له الكمائن على كافة الطرق التي سيسلكها فتم الاشتباك معه بالقرب من منتزه جمال عبد الناصر وبالقرب من الدوار في نابلس وعلى شارع القدس بالقرب من مخيم بلاطة, معترفا انه خلال انسحابه أصيب احد جنوده بجروح خطيرة
بعد انسحابهم من المخيم تركوه وكأن زلزال قوي قد ضربه من شدة الدمار الذي خلفه حقدهم.
تهنئة بالنصر وتشييع للشهداء:
بعدها بساعات قليلة شيعت جثمان الشهيد ابن كتائب أبوعلي مصطفى القائد محمد رضا خالد والشهيد أديب سليم الداموني.
وفي بيت العزاء للشهداء كان المواطنون من كل مكان يهنئون كتائب الشهيد أبو علي مصطفى على هذا الصمود وهذا الانتصار.
ما بعد الاجتياح :
بعد اجتياح المخيم بثلاث أو أربع أيام اقتحم جيش الاحتلال بلدة بيت فوريك وعورتا ودير الحطب واعتقل 12 رفيق بتهمة انتمائهم للجبهة الشعبية, وقاموا بتدمير أجزاء من منزل أحد قادة الكتائب البارزين الرفيق احمد مشعطي وتهديد أهله بهدم المنزل إن لم يسلم نفسه خلال شهر.
كما نظمت زيارات من كافة مناطق الضفة ليروا مشهد المعركة، تلك المعركة الأسطورية التي من رأى حجم الدمار بالمخيم، لأيقن كم كانت المعركة قاسية.
الخاتمة:
ولأن الوطن يستحق الكثير فقد كان لزاماً علينا أن نبلغ الأمانة على أكمل وجه، ونرسلها لكل وطني على هذه الأرض، ليسجل التاريخ أسطورة جديدة.. وينقش على صخور جبال نابلس ثورة لا تنسى.
فللجيل القادم حق أن يعرف ماذا كانت تدور في رحى جبالنا، وأزقتنا، ومدننا، وقرانا رغم اختلاف المكان، وعظمة مشهد الكرامة، واختلاف البطل، إلا أن الموت بهذه المعارك البطولية سيكون كهلاً أمام الحياة التي ستتوهج في جسد الجيل القادم ليبدأ معركة جديدة في بقاع هذا الوطن الغالي.
فالأمانة تقتضي أن نستذكر هؤلاء الرجال الحقيقيين في زمن ضعف به الرجال.. فعظمة نابلس برجالاتها أصبحت أسطورة فعلية سيتغنى بها الجيل القادم، كانوا على يقين أنهم لن يرتدوا حتى يزرعوا جنتهم وها قد حققوا أمنيتهم.
مت .. مت .. لقد نزفت عرقك و أذبت عضلك دون أن تطفئ تلك النقطة البيضاء المعلقة في صدرك كالقنديل .. مت ! ماذا بقي منك ؟ تقول الكثير ؟ نطقت ؟ انفكت شفتاك عن أسنانك ؟ لقد نزفت من العرق ما يصنع ألف رجل كبير .. يا عقدة الإصبع ! أيها المسخ ، يا عين الشهيد .. لا تمت قبل أن تكون نداً لا تمت
انتهى