أبا الخيزران ..... مرة أخرى !!!
صرخت ، بعد أن انتهيت من قراءة رجال في الشمس للأديب الشهيد غسان كنفاني : وجدتها استطعت أن أفهمك ........ نعم سأطلق عليك أبا الخيزران و أصدرت ضحكتي الغبية بعد أن رفست غطائي الدافئ عني وأخذت أتمتم : آه يا كنفاني دائما تجيبني عن كل أسئلتي المجنونة .
وقلت موجها كلامي لامي وأخي : تصوروا كنفاني استشهد قبل ست و ثلاثين عاما و ما زال الأقدر على فهم قضيتنا ....... ما زال الأقدر على إجابتي .
هي أخذت تضحك لم يكن يعنيها الأمر، ليس لأنها غبية بل لأنها عرفت أبا الخيزران كقائد أكثر من أن تعرف كنفاني أو لأنها لم تعرف أن الأول كان ناقصا .
أما هو الجالس تحت قبعته البيضاء المستديرة كاستدارة وسطه الثخين كان قد سمع بكنفاني ، و لمحت بعينيه عدم الرضا ، و تصورت انه عاد بذاكرته إلى تلك الصورة التي ما برحت غرفتي أبدا .
أتذكر نظراته الباحثة فيها دون توقف ولا اجهل أين كانت تقف ، تقف في الزاوية العلوية اليمنى فوق كتف كنفاني بالتحديد
لم يكن ينقد كنفاني أو ينظر له بقدر ما كان ينظر لصورة لينين الأصغر عدة مرات و كنت اقسم داخل نفسي إني لو سألته عن صاحب الصورة لأسرع مجيبا : لينين. وكنت سأبين له سني المكسور من طرفه بعد أن تفتر شفتاي عن ضحكة ستفتزه مؤكدا
وكان سيفهم لماذا اضحك و يسترشد بكلامه المسجي شارحا عن الملاحدة الشيوعيين كما يحب أن يسميهم و كنت سأتابع الضحك دون أن أجيب .
نفضت كل هذه الأفكار من راسي كما نفضت غطائي الدافئ و توجهت إلى حيث يقطن القائد المخصي برعاية أبوية وتأكدت أننا وحيدين......
نظرت إليه دون رهبة ، و قلت له قبل أن تنهال عليه يدي و أمزق صورته الملونة :
_ لقد عرفتك ؛ أنت من ضيع تضحيات سنين أنت أسد ثورتنا المخصي ..... نعم أنت ..... لماذا تنظر إلي كالمشدوه ؟؟.. أنت مخصي . اسمع : لم تعد تهمني بدلتك الخاكية المزيفة و لا كوفيتك المرقطة ...كلها مزيفة . نعم ....كلها مزيفة.... بدلتك مثلا دعني أحدثك عنها : أنظر إلى قبتها المفتوحة من الأعلى ستجد دما فلسطينيا طاهر عليها..... ماذا..... ماذا قلت : للمصلحة الوطنية أي مصلحة ....... لماذا تسكت ؟؟؟
_كفى
_ حاضر يا قائد . قلتها بعد أن فاض فمي بقهقهة عظيمة تصورت أن كل من في البيت سمعها فأخذت اصطنع الوقار وأكملت موجها كلامي له : دعنى منها ولنتحدث عن ذلك الكاتم في جيبك اليسرى ، أنظر إليه جيدا وتذكر فيما ذا استخدم .
_ كفى
_لا تريد أن تتحدث ، لك هذا لكن اعلم أن الثورة الحقيقية هي التي تموت أو تنتصر ، و لا أظنك قد صنعت ثورة حقيقية ، و أريدك أن تعلم انك مخصي ... نعم.. انظر لنفسك أنت كما حكامنا العرب جميعا مشكلتهم أنهم مخصيين .
لكن ما يجعلك مختلفا هو أنهم كانوا مخصيين منذ الأزل أما أنت فقد خسرت رجولتك و أنت تقاتل .
جهاد فرج