عندما ظهر اصطلاح "القومي" عند الشعوب الأوروبية، في نهاية العصر الإقطاعي، كان "القومي" بشكل عام مؤيداً للوحدة القومية التي تهدم الحواجز الطائفية، وتتمسك باللغة القومية والفولكلور وتسعى إلى انصهار أبناء الأُمَّة الواحدة في كيان سياسي وثقافي واجتماعي واحد، كانت القومية شعاراً ثورياً واجتماعياً معاً، لخلق كيانات كبيرة تتسع للثورة العلمية والوحدة الاقتصادية. إن النضال لوحدة كل مقاطعات ألمانيا أو مقاطعات فرنسا أو مقاطعات ايطاليا في دولة واحدة، كان نضالاً هاماً وتقدمياً. والعهد القومي في أوروبا كان رافعة هامة للتطور الأوروبي العاصف.وإذا عدنا إلى منطقتنا العربية فإننا نقول إن طلائع المفكرين في مصر وبلاد الشام والعراق الداعين للوحدة العربية كانوا تحسساً تاريخياً لحاجات المرحلة. إن السعي لتوحيد بلاد العرب، لو نجح، لكان ã****باً تاريخياً، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً، وربما كان منع المأساة الفلسطينية التي ينزف دمها إلى الآن.
المثقف القومي العربي الحقيقي، في مرحلتنا الراهنة، هو الذي يقف ضد كل بطش وإرهاب وخنق للحريات وتبرير للتعصب الطائفي وإهانة للمرأة.