بصراحة لساني يعجز عن وصف الكلمات
فليس بإستطاعتي سوى اضيف ايضا
حط حملك عنك
( إلى الشهيد أبو علي مصطفى )
كذبت عليّ كثيرا حين قلت : (المدى مقفل يا صديقي
والكلام الذي بحوزة عينيّ لا يقله لساني .. والطريق أطول من سنيّ عمري .. وعودتي كأنها ما تجلّت .. سوى في وطئ هذا التراب الثقيل .. وحنيني كبير كأني ما لمست حائط بيتي
وما شممت ياسمين السور عند المغيب .. وما شربت من جرار أمي .. وما عانق صدري المحبين كما أشاء .. )
ها أنت حر أيها الطير الأنيق
وصوتك راع يمد حروف الجبال
إلى آخر النداء ..
تستطيع قول الكلام وقتما تشاء لكل من تشاء
تستطيع قول الذي بحوزة السماء للسماء
وتلتقي فوق صهوة العذاب بالأنبياء
لتخبرهم أنك ما عدت " لعرّابة " كي لا تعود
وإن الدروب التي رصفْتَها بهاجس العناق ما أوصلتك لصرختك، أو لحظة الرحيل المقدس من رحم أمك،
تفرّد اللحظة بالبرق أيها البرق
تماهى مع الرعد واهطل علينا بكل صراخك:
( ما عدت لكنني تعددت
وصرت رفا من الدوري
ألتقط القمح عن أكف الصغار
أرشدهم إلى ساحة المدرسة .. )
تفرّد بوقتك،
دخلت زمانك من بوابة الدهر
واقفز بصمتك،
من ضفة القهر إلى ضفة النهر
مثلما كنت تفعل وقت الرصاص الملثم .. تسطر حرف البيان الذي لم يقله البيان .. وترسل وحيك عبر القصائد
كي يرتب الشعراء تفعيلة الصهيل
كي يطرز الرفاق أحلام القتيل
ما زلت تبحر من ميناء نفيك نحو فيئك
مارس الآن لعبة التخفي والظهور
لعبة الموت والنشور ..
البحر يغفو فوق صدرك
وجّه الأسماك ناحية الصفيح
ليس بعيدا كل هذا الموج عن ذراعيك .. لست غريقا، وإنما أحرقت آخر السفن العتيقة
خلفك النار تدفع النبض نحو جمركَ
تحمل الجمر فوق ظهرك
تحملك الشرايين فوق النزيف المكابر
لا تفتش عن بقاياك .. قد توحد اللحم بالحلم .. توحد الحلم بالقرى .. فصرت كل الباحثين عن بياض البياض
وما عدت فردا، إنما رف سنونو
يحج إلى السماء سبعا كل يوم
وفي الليل يحج سبعا للنهار القريب
كم مرة أخبرتنا عن كائنات الليل وقلت النهار يضيق بنا
هل ضاقت بك الأرض فاخترت السماء ؟
أم تشامخ حلمك فاستطلت، حد الاختفاء ؟
أم رأيت الشارع العربي يغفو فانشطرتَ ؟
كم مرة أخبرتنا عن كائنات الفجر.. وقلت الهواء يضيق بنا
هل ضاق صدرك فانفتحت على المدى؟
أم ضاق خطوك فالتجأت إلى الردى ؟
أم رأيت الفارس العربي يطعن خيله، فترجّلتْ ؟
وحدك وحدك وحدك ..
تنجو من كائنات الليل
تنجو من كائنات الفجر
ولا تضيق بك الأرض
ولا يضيق بك الهواء
فاستطل وتشامخ كيفما تشاء
تتنفس " عرابة " الآن ابنها
ولا تكذب علينا فقد عدت
ومالت ياسمينة السور ووشوشتك
"وحوّطت" كتفيك :
حبلى أنا، حط حملك عنك
إنني الآن منك ..
للشاعر: أنور الخطيب