برئ الزيتون .. ممن سيخون
جلس الجنرال يساوم عمر المختار بعد أسره متلبساً بحمل السلاح وفعل المقاومة ليتعاون مع المحتل، ووعده أن يخلي سبيله مقابل هذا التعاون، وأفعمه أن لا خيار، فإما التعاون أو أن يشنق، ولمح إصراراً يعرفه من خبر رسالة عيون المقاومين أمام جلادهم فتابع يسأله بحزم، متى يستسلم رجالك؟ ورد عمر المختار رده الشريف الشامخ «نحن لا نستسلم، نحن ننتصر أو نموت، عليكم أن تحاربوا الجيل القادم أو الذي سيليه، أما أنا فإن حياتي ستكون أطول من حياة شانقي».
وسيق المقاوم الفذ لمشنقته، قرأ بضع آيات من مصحفه ثم أسلم رأسه لجلاده، بعد أن تمتم بالشهادة، وشنق عمر المختار أمام شعبه وسط زغاريد النسوة وتكبير الشيوخ والشباب، وأنشودة عزة تزلزل جلاداً مازال في ساحة الشهادة مشدوهاً لما يرى، وأجيال، وحشود، يتعالى صوتها لها «إحنا جيل وراه جيل، والاستسلام أمر محال».
لقطة المقاوم عمر المختار الذي قاوم المحتل عشرين عاماً حتى استشهد لم تحظ هذه الأيام بالتفات مناسب لعظمة المجاهدين، وقد مرت الذكرى العزيزة دون ذكر أو تنويه أو إشارة، ربما لأن الطقس طقس خنوع، وربما لأن المقاومة الشريفة التي لا تتنفس بأجواء الانبطاح والملاينة والمساومة على بيع قضايا لا تباع ما عاد مرحباً بها ولكل أسبابه الوجيهة، وربما لأننا نعيش صراحة عصر ثقافة الاستسلام!.