هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:07 pm

أنت في جلدي، وأحسك مثلما أحس فلسطين : ضياعها كارثة بلا أي بديل ، وحبي شيء في صلب لحمي ودمي ، وغيابها دموع تستحيل معها لعبة الاحتيال.
/
/
/
/

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 1088965037740388600




لقد صرت عذابي ، وكتب عليّ أن ألجأ مرتين إلى المنفى ، هارباً أو مرغماً على الفرار من أقرب الأشياء إلى الرجل وأكثرها تجذراً في صدره : الوطن والحب .



/



لم يكن حباً عادياً أبداً ،،،

وكأنّه يكتب بقلمي ،،،

ويشعر بما في داخلي ،،،

غسّان ،،، وضعني بين حرفيّ الغين والنون ،،،

لأكونه ،،،

وأشعر به ،،،

وأتخيّل كما لو أنّه كان يكتبني ،،،

هكذا الصدق يسري في جسد اللغة ؟!

فيحيلها

واقع نحياه ،،،

!!!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:07 pm

وحين أكتب ليس ثمة قارئ غيرك ، وحين أقود سيارتي في تعب الليل وحيداً أتحدث إليك ساعات من الجنون ، أتشاجر ، أضحك ، أشتم السائقين ، أسرع ، ثم أقف : أحتويك وأقبلك وأنتشي.

إنني على عتبة جنون ولكنني أعرف قبل أي إنسان آخر أن وجودك معي جنون آخر له طعم اللذة ، ولكنه- لأنك أنتِ ، التي لا يمكن أن تُصلح في قالب أريده أنا- جنون تنتهي حافته إلى الموت!

أمس رن الهاتف في المنزل ، ورفعت السماعة..لم يكن ثمة أحد يتكلم على الطرف الآخر وهمست، بعد لحظة ، بصوت جبان: غادة؟

وهذا كله لا يهمك ..أنت صبيّة وفاتنة وموهوبة..وبسهولة تستطيعين أن تدرجي اسمي في قائمة التافهين ، وتدوسي عليه وأنت تصعدين إلى ما تريدين..ولكنني أقبل ..إنني أقبل حتى هذه النهاية التعيسة!

ماذا أقول لكِ؟ إنني أنضح مرارة..يعصر لساني الغضب مثلما يعصرون البرتقال على الروشة ، لا أستطيع أن أنسى ، ولا أستطيع أن أبعد عن وريدي شفرة الخيبة التي بذلتِ جهداً ، يشهد الله كم هو كبير ، لتجعلينني أجترعها بلا هوادة!

لا أعرف ماذا أريد . لا أعرف ماذا أكتب.لا أعرف إلى أين سأنتهي. والآن – خصوصاً – أنا مشوش إلى حد العمى : إن النقرس يفتك بي مثل ملايين الإبر الشيطانية. أشفقي عليّ أيتها الشقية ...فذلك، على الأقل ، شيء يقال.

قلتِ: نتحادث في الهاتف..أما أنا فليس لدي قرش أستطيع أن أصرفه ، وأن أصرفه خصوصاً على عذاب لا أحتمله. لقد تقوّض هذا الشيء الذي كنته ، وأنا حطام ، وأعرف أن ذلك شيء لا يسرّك كثيراً، ولكنه حدث: عنوان القصة.

حازم؟ أجل حازم ، من نوع أكثر صميمية : إنني أكثر شجاعة منه في وجه العدو المعذ َِّب ، ولكنني أقل منه شجاعة في وجه الحب.

إنني أعطيك بطل قصة ، مخلوق جدير بالتفحص في أنبوب اختبار ..وسأكون سعيداً لو عرفتِ كيف تكتبين عن رجل أحبك حقاً ، ولم يخطئ معك ، وظل يحترمك ، ولم يكترث بأيما شيء في سبيلك ... دون أن تمنحيه بالمقابل شيئاً إلا "آذان الآخرين" والاغتراب والصمت.

لا!

لا تتحدثي معي بالهاتف..اكتبي لي كثيرا ..أنا أحب رسائلك إلى حد التقديس ، وسأحتفظ بها جميعاً وذات يوم سأعطيها لك..إنها- أيتها الشقية- أجمل ما كتبتِ وأكثرها صدقاً..

كنتُ قلتُ لك في رسالتي السابقة أنهم يريدونك لتكتبي للمصور من لندن..حاولي أن تفعلي ، واكتبي لأحمد بهاء الدين.

أرجوكِ: اكتبي لي.


غسان كنفاني




=-=-=-=-=-=-=-=



حازم :أحد أبطال قصص كتابي ليل الغرباء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:08 pm

بطاقة بريدية من السودان

17مارس1968

الأخت غادة السمان

مجلة الحوادث

بيروت

لبنان



رغم كل القيظ الذي هنا أردد دائماً : شو هالبرد ! لا ينقصني إلا 3 كيلو من الوزن أنتظرها كما ينتظر العطشان...أذكرك، واخترت هذه البطاقة بدقة لأنني أعرف كم تحبين الموسيقا وكم أغتاظ منها.....تحياتي لكم جميعا..


غسان



=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

شو هالبرد :العبارة التي سبق أن كتبتها له في بطاقة بريدية.

3 كيلو من الوزن : كان يريدني أن أضيف 3كيلو غرام إلى وزني خوفاً على صحتي ، وحتى اليوم لم أفعل!..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:09 pm

8/1968



عزيزتي غادة..

في نفس اليوم الذي تلقيت فيه رسالتك كنت قد أخذت عنوانك من سليم وعزمت على الكتابة لك مطولاً، ولكن حين قرأت اسم كريس في العنوان انتابني شيء غامض، واكتفيت بأن أكتب لك ، عن عنواني .

نزلت عليّ رسالتك كما المطر على أرض اعتصرها اليباس. مثلك لا شيء . مكانك لا يملأ، كلماتك وحدها التي لها صوت يغطس إلى أعماقي. أراك دائماً أمامي، أشتاقك، أعذب نفسي بأن أحاول نسيانك فأغرسك أكثر في تربة صارت كالحقول التي يزرعون فيها الحشيش : لا تقبل زرعاً غيره إلا "عباد الشمس" ، وأنا لن أنهي حياتي عباداً للشمس . أقول لك : إنني أشتهيك ، ولا أستحي لأنك صرت الشيء الوحيد الذي أخفق له . هل سأراك حين تعودين؟ أم تفضلين الكفر بتلك الساعات التي جبلت في لحمنا حتى القرار ؟

مأساتي (ومأساتك) إنني أحبك بصورة أكبر من أن أخفيها وأعمق من أن تطمريها. أتراك في نفس المكان؟ إذاً يا للمأساة التي لن تنتهي! أقول لك: تعالي ، ودعينا نهدم الجدران جميعاً ، إن حياتنا أصغر من أن نهدرها في الشطارة .أعترف!

وهاأنذا متروك هنا ، كشيء!

كيف تركتك تذهبين؟

كيف لم تطبق كفاي عليك مثلما يطبق شراع في بحر التيه على حفنة ريح؟

كيف لم أذوبك في حبري ؟ كيف لم أجعل من لهاثينا معاً زورقنا الواحد إلى نبض الحياة الحقيقي؟

كيف ذهبت دون أن أحس بك ؟ كيف مرت عيناك في عمري دون أن تتركا على وجهي بصماتهما ؟ كيف لم أتمسك بك ؟ كيف تركتك – يا هوائي وخبزي ونهاري الضحوك- تمضين؟




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:10 pm

أيتها المرأة الطليقة ، يا من قبلك لم أكن وبعدك لست إلا العبث، من بحر عينيك سقيت ضياعي جرعة الماء التي كانت دائماً سراباً ، وفوق راحتيك تعرفتُ إلى مرساتي ووسادتي وليلي.

يا طليقة ! أيتها المرأة التي مثلك لا يرى، أيها الشعر الذي رف تحت جفني مثل جناحي عصفور ولد في رحم الريح ، أيتها العينان اللتان تمطران خبز القلب وملح السهوب الجديبة ، يا طليقة : كيف انخلعت هكذا عني ؟ كيف شلت مرساتك من عشبي وتركت بحري ؟ بعدِك ليس إلا الخواء، دونك لست إلا قطرة مطر ضائعة في سيل .

عشت معك حقيقة عمري. ضعت فيك إلى حد لم أصدق أنه قد تمضين، كان ذلك مثل المستحيل ، ولكنك –ذات صباح- غبتِ ، كما لو أن شروقك في جبيني لم يكن!

وورقة على حافة الفجيعة:

" غادرت لتوك ، وما زلت أحسك بين ذراعي . راقبت المصعد يهبط ، الضوء ينطفئ ، خطواتك تختفي. وغداً سأراك لأودعك ، ولكن ذلك سيكون مرعباً ، إلا إذا تصرفنا بحذاقة غير إنسانية...هل أقول لك : إلى اللقاء؟ إنها كلمة ليست شخصية بصورة كافية ، تبدو وكأن شخصاً ما قد استعملها قبل لحظة وتركها مرمية هناك. الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أقوله.."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:10 pm

أيتها الطليقة...
/

/
/
/

ذلك كله عبث. الكلمات كلها علكت من قبل أناس آخرين ، ولكن وقع يدكِ على جبيني كان دائماً ولادة لشيء رائع ومتوهج ، مثل ومضة لهب ، كان دائماً شيئاً خاصاً وشخصياً ولا يعوض.

الكلمات عبث أيتها السحابة التي أمطرت على جفافي موسماً من الخصب ، ولكن في عينيك كانت توجد دائماً الكلمة الجديدة البكر التي لم تصدأ من كثرة ما تناقلتها الشفاه . كانت تولد في قبضة الصمت نبضاً عبقرياً يلتمع بالدهشة .

/// الكلمات عبث ، وأنت كنت دائماً لغتي التي لا يفهمها أحد ، وراء التعويذات التي اخترعها أجدادنا وسموها حروفاً وأصواتاً ، لقد كان شعركِ مطري، وراحتك وسادتي ، وذراعك جسري ، وعيناك بحري، وشفتاك كأسي. كان انتظارك عمري ، وحضورك ولادتي وغيابك ضياعي.. وها أنت تذهبين مثلما تعبر ريح الصباح شباكاً مهجوراً : تحييه لحظة ، ثم تعيده إلى الغيب... ///

كيف تركتك تذهبين؟ ما الذي سأفعله بعدك؟ أي أرض ستخصب بعدك؟ وأي شباك سيدخل إلى جفافي ويباسي ريح الصبح؟

سأعلك الندم عمري. ندمك وندمي. لقد نسفنا بأيدينا الشجرة الوحيدة التي صادفناها في رحلة عمرينا ، ولم يبق أمامنا إلا أن نكمل الشوط في قيظ الوحدة التي لا ترحم . أنت وأنا اعتقدنا أن في العمر متسعاً لسعادة أخرى ، ولكننا مخطئون ، المرأة توجد مرة واحدة في عمر الرجل ، وكذلك الرجل في عمر المرأة ، وعدا ذلك ليس إلا محاولات التعويض ، بذل النسيان والندم راقة فوق راقة.

إن أسعدنا هو أبرعنا في التزوير، أكثرنا قدرة على الغوص في بحر الأقنعة. ننسى؟ ذلك مستحيل ، وأنا - أيضاً - لا أريد أن أنسى . ليس بوسعي أن أطمر الزهرة الوحيدة في عمري هكذا ، لمجرد أنك ذهبت ، وأن أملي في أن ألقاك هو مثل أملي في أن ألقى طفولتي .

فيا أيتها الطليقة التي حملها جناحاها إلى أرض لا أعرفها، والتي كان علي منذ البدء أن أعرف بأنها ، مثل العصافير، ستضرب في فراغ السماء وجاذبية المدى الذي لا يحده حد ، لست أطمع منك بالعودة . لقد رف جناحاك في زنزانتي وتركا في هوائها الساكن شيئاً يشبه خفق القلب، زرعا في صمتها خفقة طليقة وتركاها تغطس في وحدتها المرة.

لست أطمع منك بالعودة، فالعصافير لا تسكن أعشاشها مرتين، وحين نفضت عن ريشك كسل القرار عرفت أنا أنك لن تعودي..

ولكن كيف تركتك تذهبين؟ كيف لم أربط نفسي إليك مثلما ربط السندباد نفسه إلى ريش الرخ؟

ليس عندي، أيتها الطليقة ، يا خبزي ومائي وهوائي، إلا الندم ، وبعيداً في قراره توجد بذرة للشجرة القادمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:11 pm

بلى.

سأراك مرة أخرى ، ذات يوم. ترانا – يومذاك- سنكسر من حول جلودنا يراقات النسيان التي سنبنيها فوق اللحظات النادرة في حياتنا، كي لا نظل صرعى الخذلان؟

إن العمر خديعة ، يا طليقة، وإلا كيف يمكن أن يكون عمري معك عمراً وعمري دونك عمراً أيضاً، وكيف يمكن – بعد هذين العمرين –أن أراك مرة أخرى وتكونين أنت وأكون أنا ؟ لماذا لا؟

ماذا أقول لك؟ إن النسيان هو أحسن دواء اخترعه البشر في رحلتهم المريرة ، ومع ذلك فأنا لن أنساك. أنت تخفقين في رأسي مثل جناحي عصفور طليق، أمام بصري ينتثر ريش الطائر الذي حط وطار ، مثل لمح البصر...

وها أنذا، متروك هنا كشيء ، على رصيف انتظار طويل، يخفق في بدني توق لأراك، وندم لأنني تركتك تذهبين. أشرع كفيّ اللتين لم تعرفا منذ تركت ، غير الظمأ.

وأقول : تعالي..


=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=--=-=

سليم : سليم اللوزي

كريس : كرستوفر ، صديق بريطاني من أصدقائي في لندن ، وكنت مشردة تلك الفترة فتكرم بإعارتي عنوانه البريدي

وهاأنذا متروك هنا ، كشيء!
... : هذه الرسالة نشر غسان بعضها في ملحق الأنوار الأسبوعي الذي كان يرأس تحريره ، وكتب بعضها الآخر بخط يده على هامش الجزء المنشور. وفي تونس، كتب الأستاذ عبد الرحمن مجيد الربيعي في جريدة الصدى بتاريخ23/9/1990 يقول: أحب أن أذكر أن المرحوم غسان كنفاني عمل في أواخر الستينات رئيساً لتحرير الملحق الأسبوعي لجريدة الأنوار اللبنانية وكان يكتب صفحة أسبوعية فيها. صفحة لا يحلل الوضع السياسي العربي أو العالمي بل يكتب عن خفق قلبه ووجدانه وكل أصدقائه كانوا يعرفون أن تلك الصفحات كانت لغادة وعنها ، فلماذا لا تنشر في كتاب أيضاً سيما وأن هناك لجنة مهتمة بنشر تراثه كاملاً ؟ كما كان غسان يكتب زاوية لنقد الكتب الجديدة ويوقعها باسم فارس فارس ، هذه الكتابات لم تر النور كذلك ويجب أن يحصل لها ذلك










الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:13 pm

صباح يوم 28/12/1966 أيقظني قرع على الباب . كان غسان واقفاً منهكا،ً وغاضباً ، وناولني هذه الرسالة قائلاً : إنها لك. كتبتها لكِ ، ولكنني خاطبت أختي فايزة فيها لغضبي منك . وتركها بين يدي ومضى..وكانت رسالة بدأ كتابتها في الليلة السابقة ، ليل 27/12/1966 وختمها برسالة أخرى بعد طلوع فجر 28/12/1966.

صعقني ما ورد فيها فقد كنت ليلتها بحاجة إلى أن أخلو إلى نفسي بعد سهرة مع بعض الأصدقاء ولم يخطر ببالي أن ذلك سيزلزل غسان إلى هذا المدى ..أم تراه خطر ببالي وتعمدته في اللاوعي ؟ أم تراني كنت أريده حقاً أن يقضي سهرته مع أسرته ولذا اقترحت عليه الذهاب مبكراً إلى هناك ووعدته بأن أهتف له لأضمن ذهابه مما أثار شكوكه ؟ هل تعمدت إثارة شكه؟ ما زلت حتى اليوم لا أدري ، ولكنني أذكر جيداً أنني كنت دائماً حريصة على كيانه العائلي بقدر حرصي على استقلالية كياني.



بيروت 27/12/1966



عزيزتي فائزة..


إنني أغيب عنك سنوات ولكنني أعود، أنبع فجأة ، وأنت تقولين لنفسك: ها هو الطفل يعود. كنتِ فيما سبق تغضبين وتحزنين وتقولين إنك تفتقدينني ولكنك استسلمت أخيراً لذلك الطفل الغريب الأطوار دائماً، المغلوب على أمره دائماً، الباحث عن ملجأ دائم..تستطيعين الآن بعد ثلاثين سنة ، أن تطمئني لشيء واحد هو أنني سأظل أعود ، فقد كتب علي كما يبدو أن أظل مهزوماً في أعماقي ، إن الشيء الذي انكسر فيّ حين كنت في العاشرة لم يلتئم ، وقد ظللت دائماً أوفى الناس لشيء اسمه التعاسة وسوء الحظ. وها أنذا أعود مرة أخرى لك ، ربما لأنك بعيدة عني ولأنك الجزيرة التي لم تعد لي ولأنك لا تستطيعين أن تأخذيني معك وفيك ولك..

ما الذي حدث خلال السنين الطويلة الماضية ؟ ما الذي حدث، بالضبط، منذ اقتحمت عليك غرفة العمليات ؟ هل تذكرين ؟ يوم رفعت المشرط في وجه المسكين ولسون ، ذلك الاسكتلندي الطيب الذي كان يجد فيّ ما لم أجده أنا نفسي ، إنه يضحك بلا شك حين يذكر القصة. كنت أنا على حق رغم كل شيء ، وقلت له : ليمت الطفل ، ولكن إذا ماتت هي فستموت معها هنا . ورفضت أن أخرج وظللت مثل مجنون فار مثبتاً ظهري إلى الزاوية وأنظر إليك مضرجة بالدم تحت أصابعه الباردة وحين تنفس الصعداء بعد قرن من الرعب أخذت أبكي ، وسقط المشرط من يدي...ولم أرك إلا بعد أن صار أسامة في الرابعة من عمره..لماذا أذكّرك الآن بهذا الشيء الذي مضى؟ ربما لأنني أشعر كم كنت على حق.. إن الإنسان ليس إلا مخترع ملاجئ ، هكذا كان وهكذا هو وهكذا سيظل ، وكل ما عدا ذلك هراء في هراء، وأقول الآن : كنتُ أحس ملجأي عميقاً داخل تلك الغريزة التي كنتِ تسمينها ، حين كنتُ طفلاً، النبوة، وكنت أحس كم كان فقدانه هولاً تساوت فيه إرادة العيش بشفرة المشرط. إنني لا أنسى حدقتي الدكتور ولسون حين كانت تسبح فيهما تلك الكرتان الزرقاوان ، كان رجلاً قادراً على الفهم من فرط ما شاهد الناس يموتون ببساطة ويتركون وراءهم العالم بملاجئ أقل ، وكان يعرف أنكِ ملجأي .

وها أنذا أعود يا فائزة مثلما كنت أعود إليك طفلاً شقياً مبللاً بمطر يافا الغزير وتستطيعين بنفس الصوت القديم أن تقولي لي: " كنت تسير تحت المزاريب، أنا أعرف كم تبلغ بك الشقاوة.." تحت المزاريب يا فائزة تحت المزاريب..إنني أعطيك رأسي بعد أكثر من عشرين سنة لتجففيه مرة أخرى رغم أنني أحسه مبتلاً من الداخل ، أعطيك رأسي ، أنا الشقي المسكين ، فلم يتبق ثمة شيء إلا يديك..وبالضبط لأنهما على بعد ألف ميل.

ما الذي حدث منذ ولد أسامة عبر ذلك المخاض الصعب الرهيب؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:14 pm

بالنسبة لي ما تزال دفتا الباب الأبيض تروحان وتجيئان متقاطعتين منذ خرجت منهما..هل تغير أيما شيء ؟ ما الذي حدث؟ أي جنون يملأ هذا العالم؟ هل رأيت الدكتور ولسون مرة أخرى وتحدثتما عن جنوني؟ هل يعرفني أسامة ؟ هل يسمع عني بين الفينة والأخرى ؟ أما أنا فقد حدث لي ذلك الشيء الذي قلت لي مرة أنه وحده سيحطمني ذات يوم : الحب.

لو كنت هنا ، وجلست معنا كما كنت تفعلين منذ زمن ، لنظرت إليّ في لحظة مسترقة وهززت رأسك موافقة. لقد عشت عمري أنتظر أن أرى من رأسك تلك الحركة .حين جلسنا مع جاكلين في بحمدون قبل سبع سنوات انتهزتِ أول فرصة ورفعتِ أمام عيني حاجبيك كأنك تقولين " لا، ليست هي" وراحت جاكلين وراحت منى، وراحت كوكب عبر حاجبيك اللذين كانا دائماً يقولان " لا "..وجاءت هي . قولي لي إنها هي.

أخيراً هذا هو الشيء الذي كنت تنتظرينه يا فائزة وراء ظهري ، دون أن أعرف ..هذا هو الشيء الذي وحده يستطيع أن يحطمني . كم كنتِ صادقة وكم كنتُ غبياً.. أتذكرين يوم جئت إليك أقول إن جاكلين سافرت؟ قلت لي على مائدة الفطور : إن شراستك كلها إنما هي لإخفاء قلب هش ، لا حدود لهشاشته، ذات يوم ستصل أصابع امرأة ما إليه وستطحنه..وإذ تجيء يومها إليّ سأفهمك وحدي!

ها أنذا أجيء فكافئيني بأن تفهميني ، ليس بوسعك أن تنصحي أحداً ، إنني أتمزق وليس بوسعك أن تجدي ، بعد، أذناً واحدة في هذا الجسد الذي كان له آذان، إننا نجيء دائماً متأخرين . متأخرين. متأخرين. أفهمتِ كل شيء الآن يا فائزة؟ متأخرين.

أقف الآن على هذا المرتفع في حياتي وأنظر إليها قاحلة مليئة بالشوك والتوحد وتمتد في برودة الماضي وبرودة المستقبل دونما نهاية..ويبدو أنني أحاول أن أستبدل الوطن بالمرأة ، أعرفت في عمرك كله ما هو أبشع من هذه الصفقة وأكثر منها استحالة؟ ولكن هذا ما يحدث، وأستطيع أن أكشفه بوضوح الآن كأن كل ما حدث لم يكن إلا اقتياداً أعمى إلى هذه النهاية . لقد حاولت منذ البدء أن أستبدل الوطن بالعمل، ثم بالعائلة ، ثم بالكلمة ، ثم بالعنف ، ثم بالمرأة ، وكان دائماً يعوزني الانتساب الحقيقي ، ذلك الانتساب الذي يهتف بنا حين نصحو في الصباح : " لك شيء في هذا العالم فقم" أعرفته؟ وكان الاحتيال يتهاوى، فقد كنت أريد أرضاً ثابتة أقف فوقها ، ونحن نستطيع أن نخدع كل شيء ما عدا أقدامنا، إننا لا نستطيع أن نقنعها بالوقوف على رقائق جليد هشة معلقة بالهواء ، والآن: كنت أمشي على رقع الجليد تلك ، وليس كل ما كتبته وكل ما قلته في حياتي كلها إلا صوت تهشمها تحت الخطوات الطريدة .

مرة أخرى ، ما الذي حدث، ؟ تزوجت فجأة ، أنت لا تعرفين لماذا بالطبع وقد فجأك الخبر مثلما فجأ والدي، ولكنه لم يستطع أن يفعل شيئاً ، لم يكن يستطيع أن يحرمني من ثروته بعد أن حرم منها رغم أنفه ، ولم يكن يستطيع أن يمنعني من ولوج بيته بعد أن امتنعت من تلقاء نفسي ولم يكن ليستطيع استنزال غضب السماء عليّ فلديّ من غضبها ما يفيض عن حاجة رجل واحد .. ولم يكن هو أيضاً يعرف لماذا وكيف، ولكنني كنت أعرف ، كنت أمارس تلك الفضيلة البشرية الوحيدة : كنت أخترع ملجأ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:15 pm

لقد جاءت آني حين كنت قد شرعت ، مختاراً ومرغماً ، في الانزلاق على هضبة الوحل المغرية والجذابة ، وفي ذات الصباح الذي قررت في مسائه أن أتزوجها كنت على وشك الاتفاق مع امرأة نصف ثرية نصف جميلة ونصف تحبني ونصف شابة على أن نعيش معاً . كانت تلك المرأة نصف الطريق إلى السقوط وأردت أن أجعلها محطتي كي أقبل الرحلة كلها فيما بعد إلى قرار القاع السحيق والمنسيّ . وجاءت آني ذلك اليوم مثلما تجيء رسالة البشرى من مكان قصيّ مجهول فجعلتها ملجأي للفرار في واحدة من ومضات النبوّة التي تبرق في ضمير كل إنسان على ظهر هذه الأرض. أقول لك الآن : كانت فراراً.

كانت يا فائزة بعيدة عني في كل شيء. واحتجت إلى خمس سنوات كبيرة أظل مشغولاً خلالها في ردم الهوة المفتوحة بيننا، وارتكبت مرة أخرى خطأ الاحتيال : فحين عجزت عن ردمها كما ينبغي ردمتها بطفلين.

ولكنني رغم كل شيء ظللت مخلصاً للقيم التي أحترمها والتي أورثني إياها إقطاع جدي المؤمن بالفضائل حين خسر أراضيه ولكنه أصر على كسب أخلاقه ، وكنت أعرف في أعماقي أن الشراع المطوي في أعماقي سيمتلئ برياح الغربة من جديد ولكنني ظللت صامداً ، وبقسوة السكين تخليت عن حياتي السابقة في سبيلها ، كانت وما تزال امرأة رائعة ، ربما الشيء الوحيد في هذا الكون الذي أستطيع برضى لا حدود له ، أن أقدم لها حياتي إذا ما تعرضت لخطر الغياب .

أقول لك ذلك الآن رغم أنك سألتني ذات يوم وكنا وحدنا : هل أنت سعيد معها ؟ فقلت لك حاسماً وصادقاً : لا . إن الحب شيء وعلاقتي بها شيء آخر ، وهي تعرف.

ثم جاءت غادة.

جاءت ؟لا، إن الكلمة الأصح هي : عادت. لقد كانت موجودة دائماً في أعماقي .أنا لا أتحدث عن الفترة التي كنت أراها فيها عابرة في ممرات الجامعة قبل عشر سنوات ، لا. إنني أتحدث عن وجود أكثر تعقيداً من ذلك وأكثر عمقاً . ماذا أقول لك وكيف أشرح لك الأمور؟ دعيني أقول لك كيف: أمس كنت أذوّب شمعة فوق زجاجة، أتلهى بهذه اللعبة التي يكوّن فيها الإنسان شيئاً فوضوياً وغامضاً من زجاجة وقضيب شمع، وكان ذوب الشمع قد كسى جسد الزجاجة بأكمله تقريباً ، وفجأة سقطت نقطة من الشمع الذائب دون إرادة مني وتدحرجت بجنون فوق تلال الشمع المتجمد على سطح الزجاجة واستقرت في ثغرة لم أكن قد لاحظتها من قبل وتجمدت هناك فجعلت ثوب الشمع بأكمله يتماسك من تلقائه.

هذا ما حدث، ولست أجد أي وصف آخر له. ومنذ قابلتها أول مرة عرفت في أعماقي كل الذي سيحدث ، على الأقل من جهتي . ورغم ذلك فقد كنت مثل الذي يدخل إلى حقل من الرمال المتحركة لا يعرف فيما إذا كان عليه أن يعود أو أن يقطع الطريق إلى الأمام .

عمري الآن سبعة شهور، ولن تصدقي كم تغيّرت . أنا نفسي لم أصدق ولا أصدق ، ويبدو أن هناك رجال لا يمكن قتلهم إلا من الداخل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:16 pm

لقد عذبها الكثيرون في حياتها وهي وحيدة ولا تستطيع أن تردم الهوة بينها وبين العالم إلا بالرجال ، (في الواقع لا أؤمن بهذا. وقد قاله لي هاتف مجهول قبل أسبوع) ألم أردمها أنا بطفلين!

لنحاول كرة أخرى: إنها تحبني وتخشى إذا ما اندفعت نحوي أن أتركها مثلما يحدث في جميع العلاقات السخيفة بين الناس ، وتخشى إذا ما ذهبت في علاقتنا إلى مداها الطبيعي أن نخسر بعضنا . ولكن يا فائزة هذا كلام كتب وأطباء ومدرسي حساب وليس عواطف امرأة أمام رجل يحبها وتحبه..

لنحاول مرة ثالثة : إنها تحبني إلى حد لا تريد فيه أن تقوّض حياتي . ولكن من الذي قال لها أن هروبها لن يفعل؟

يا فائزة. إنني أثق بذكائها ، ربما أكثر مما ينبغي . وأفسر كلامها مثلما يفعل الباحث في المختبر. يخيل لي أحياناً أنها أمام الناس تحاول إذلالي . إن ذلك لا يغضبني ( نعم فقد وصلت إلى هذا الحد!) ولكن لماذا؟ ما الذي يدفع إنساناً ما إلى تمزيق إنسان آخر يحبه بهذه القوة ؟ أمس قالت لي أمام صديق : إن أي رجل في هذا العالم لن يدخل بيتي إلا هو، لأنه أخ ( وكانت تتحدث عن صديقي) لماذا؟ ما هو ذلك الشيء الرهيب الذي يدفع امرأة بأن تقول هذا الكلام للرجل الذي تحبه أمام صديقه؟

لست أدري يا فائزة. ولكنني ليل نهار ، لحظة وراء الأخرى ، أفكر في ذلك كله وأعيش وأتعذب فيه ومن أجله..أحياناً أنظر إلى عينيها وأقول لنفسي: ينبغي أن تكره هذه المرأة التي يروق لها إذلالك على هذه الصورة ، ولكنني لا أستطيع . كنت فيما سبق أستطيع أن أصل إلى قرار في لحظة حين أقول هذا الكلام لنفسي ..أما الآن فأنتِ لن تدركين تعاستي!

إن الدنيا عجيبة ، وكذلك الأقدار . إن يداً وحشية قد خلطت الأشياء في السماء خلطاً رهيباً فجعلت نهايات الأمور بداياتها والبدايات نهايات.. ولكن قولي لي : ماذا يستحق أن نخسره في هذه الحياة العابرة؟ تدركين ما أعني . إننا في نهاية المطاف سنموت.

وأنا لم أكتب لك ذلك كله لأطلب نصيحة، أستطيع الآن أن ألقي محاضرة حول هذا الموضوع ..ولست أدعي أنني أعرف كيف ستنتهي الأمور ، ولكنني ذات يوم سأكون قادراً على أن أقول لنفسي وأنا أودعها أمام باب بيتها دون أن تتيح لي لحظة الاقتراب منها : " لقد ماتت". وعندها سأبكي، وقد أرتكب حماقة، وقد أنكسر لشهر أو شهرين، وسيظل قلبي يقرع كلما أقرأ عنها أو أراها أو أسمع أخبارها مثلما يقرع قلب المرء حين يصادف شبحاً، وأقول لك ما هو أبشع : قد أنزلق وأتحطم ولكنني أبداً أبداً لن أقبل أن أكون صديقاً لها ، أرى بعينيّ المكسورتين رجلاً يثبت أنه يحبها وتحبه. فلن أتحمل هذا الهراء . إنني - كما قلت لك مرة – أفضل الموت عن الأسر.إن أحداً لا يستطيع أن يحبها كما فعلت ، وعلى الأقل من أجل الحقيقة فسأرفض دائماً أن أقبل الزيف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:18 pm

...الأيام تدور أيتها العزيزة، تدور وتدور مثلما تدور رأسي الآن ، وتحت غبارها التافه يأمل الإنسان أن ينسى . أتذكرين يوم روى لنا والدي المسكين كيف حشا جرح صديقه بغبار العنكبوت جمعه من ثقوب سور عكا ؟ قال لنا يومها أن الغبار أوقف النزيف ..يا لله كم كان يقرأ الغيب!

ربما تسمعين ذات يوم أنني كففت عن حبها ، أقول لك الآن : لا تصدقي. إنني أحبها بطريقة لا يمكن أن تذوي، كتبت لها ما لم أكتبه في حياتي ومعها ومن أجلها تحدّيت العالم والناس ونفسي وتفوقت عليهم جميعاً. إن حباً من هذا المستوى لا تقبله المرأة ولكنه مع الأسف يستطيع رجل ما أن يحمله وهو يعرف هذه الحقيقة. لا فرار ولا ملجأ هذه المرة فلنأمل بمفعول الغبار .

أنت تسألين: ما الذي تريده إذن؟ وأنا لا أعرف . أعرف فقط أنني أريدها . أنا لا أستطيع أن أفهم كيف ترفض المرأة رجلاً تحبه. إن علاقتهما ، إلى أبعد مدى ، تضحي حاجة، وإذا كنت أنا قادراً على اتخاذ قرار رهيب من النوع الذي اتخذته منذ شهرين فكيف تريدين أن أفسر الأمور؟ صحيح أن الجنس ليس أولاً ولكنه موجود..أوه يا عزيزتي ! ليس من السهل بالنسبة لي أن أبني معها علاقة جنسية حتى لو أتيحت لي الفرصة لذلك، أذكر.............................................. .................................................. .............................. إذن ماذا أريد؟ لا أعرف أيتها العزيزة لا أعرف.. إن الحياة معقدة أكثر مما ينبغي لأناس سيعيشون أربعين سنة على الأكثر، والذي أشعره الآن أننا نضيع حياتنا هباء... إن رجولتي لم تذل في حياتها مثلما تذل في كل ليلة أقول لها فيها : نوماً هانئاً...ثم أدير ظهري وأمضي كأنني قطعة خشب لا يسكنها عصب ، وينزف جرح تلك الرجولة المهدورة حين أسمع وراء ظهري اصطفاق الباب : إن الأمر لا يعنيها.

ماذا أفعل؟ حاولي أن تقولي لي رغم أنني لن أطيع ، ولكن عسى ذلك يساعد في الوصول إلى شيء.. إننا تافهون حين يضحي القرار متعلقاً بنا . أحياناً أفكر في الالتحاق بالفدائيين عسى أن أموت شريفاً على الأقل ، أحياناً أفكر بالسفر إلى مكان مجهول : أبدل اسمي وأعمل وأعيش إلى أن أموت بهدوء مجهول ..أحياناً أفكر في اقتحام بيتها والبقاء فيه.. ولكن ذلك كله – أسألك – ماذا يجدي؟ أتحسبين أنني أفتش عن فرار من نفسي؟ لا. منها؟ لا. إذن ماذا أريد؟ إنني أريدها . ولكن كيف؟ كيف؟ أين هي البلاطة السحرية في هذا الكون التي نستطيع أن نضع أقدامنا فوقها معاً؟

إن الشيء الوحيد الذي أردته في حياتي لا أستطيع الحصول عليه. لقد تبيّن لي أن حياتي جميعها كانت سلسلة من الرفض ولذلك استطعت أن أعيش . لقد رفضت المدرسة، ورفضت العائلة. ورفضت الثروة، ورفضت الخضوع، ورفضت القبول بالأشياء، ولكنني أبداً لم أرد شيئاً محدداً، وحين أريدها تفر من أصابعي ( وأصابع القدر والأشياء والعالم،أنا أفهم ذلك) مثلما يفر الماء من الغربال !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:20 pm

إنني أفكر بالنسبة لها كما يلي : معركتنا خاسرة، إذن فلنعمل على ربحها إلى أن تجيء اللحظة . الزمن ضدنا فلنستعمله طالما هو معنا . اللقاء مستحيل فلنتلاق حين يكون ذلك ممكناً. سنخسر كل شيء فلنربح الزمن كي لا نندم. البكاء قادم.

أنا أعرف أنها تحبني، لا ليس كما أحبها، ولكنها تحبني . إنها تردد دائماً أنها ضدي إذا شيّأتها ولكنها لا تكف عن تشييئي دون وعي منها. إنها تهرب مني في وقت لا أكف فيه عن الاندفاع نحوها. إنها – رغم كل ما تقوله – تفضل التفاهة والمشاعر التي تمر على السطح ،وأنا أعرف أن الحياة قد خدشتها بما فيه الكفاية لترفض مزيداً من الأخداش ولكن لماذا يتعيّن علي أنا أن أدفع الثمن ؟ إنها امرأة جميلة – وتستطيعين رؤية ذلك في صورها – ولكنها أجمل في الواقع من صورها ، وقد يكون دورها في إتعاسي وهزيمتي أنها مشتهاة بطريقة لا يمكن صدها وهو أمر لا حيلة لها به ولكنني أيضاً لا حيلة لي به، وهي ذكية وحساسة وتفهمني وهذا يشدني إليها بقدر ما يبعدها عني ، فهي تعي أكثر مني ربما طبيعة الرمال المتحركة التي غرقنا فيها دون وعي منا . أقول لك باختصار أنها جبانة، تريد أن تكون نصف الأشياء ، لا تريدني ولا تريد غيابي ، وفي اللحظة التي وصلت فيها أنا إلى انتساب كامل لها كنت أبحث عنه كل حياتي تقف هي في منتصف الميدان.

إنني أدفع معها ثمن تفاهة الآخرين..أمس صعقتني ، مثلاً، حين قلت لها أنني أرغب في رؤيتها فصاحت: أتحسبني بنت شارع؟ كانت ترد على غيري، وكنت أعرف ذلك ولكن ما هو ذنبي أنا؟

إنني أتمزق مثلما لم يحدث لي في حياتي أبداً، لا شيء كان قادراً على هزي بلا هوادة أكثر من هذه المرأة ، إنني أحبها وأشتهيها ..وفي سبيل ذلك ارتكبت حماقة أخرى لا يد لي بها : يا فائزة، ليس لديّ أية علاقة جنسية مع أي كان..هل تفهمين؟ إنني رجل مأساتي هي في ذلك التوافق غير البشري بين جسدي وعقلي ، هكذا قال لي الدكتور ولسون يوماً : ولذلك أنت مريض بالسكّر يا صغيري!

ولكن حذار أن تحسبي أن هذه هي المشكلة.لا.إنني لست صغيراً إلى هذا الحد ولم يعد الجنس بالنسبة لي نهاية الكون. ما هي مشكلتي إذن؟ لا أعرف ، ولكنني أريدها. هذا شيء مستحيل كما قد تقولين، وأنا أعرف ولكن هذه هي القصة.

دعينا نحاول اكتشاف الأمور ببساطة: لنقل أنها امرأة يلذ لها تعذيبي فلنسعد الآن، الفراق لا بد منه فلنتلاق بانتظار أن يأتي .

أو فلنبتر كل شيء الآن. هذه اللحظة، في جرح نظيف ونبيل ونهائي.

ولكن في الوسط؟ في الوسط يا فائزة التي تعرفين أنني لا أستطيعه، يا لتعاسة أخيك المغلوب على أمره..إن سيزيف نسي قضيته ضحية العادة.أما أنا فثمة صخرة واحدة، أحملها مرة واحدة، وأعود بها مرة واحدة!

وكيف حال أسامة؟ علميه أن الزيف هو جواز المرور الأكثر حسماً، وأن الدنيا هراء يكسب فيها من ينزلق على سطحها ، لا تروي له أبداً أبداً قصة خاله الذي أراد ذات يوم أن يصنع الحياة بمشرط جارح.. إن الحياة أقل تعقيداً وينبغي أن تكون أكثر بساطة. إن الحياة مثل هضبة الجليد لا يستطيع أن يسير عليها من أراد أن يغرس نفسه فيها. الانزلاق هو الحل وهو الاحتيال الأمثل .. علميه أن لا ينتظر ثلاثين سنة ليرتكب أخطاء خاله التعيس ، وأن لا يتوقع شيئاً.

لا تكتبي لي جواباً. لا تكترثي، لا تقولي لي شيئاً.إنني أعود إليك مثلما يعود اليتيم إلى ملجأه الوحيد، وسأظل أعود : أعطيك رأسي المبتل لتجففيه بعد أن اختار الشقي أن يسير تحت المزاريب
!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:21 pm

28/12/1966





الشمس ستشرق بعد قليل ، ولتوي تلقيت هاتفاً منها ..كنت أنتظرها طوال الليل وكنت أعرف أنني لو أردت أن أجدها لوجدتها ولكنني كأنما دون إرادة مني كنت أريد أن أرى مدى اهتمامها هي. لا خبر، لا إشارة.لا شيء. قالت لي في الصباح أنها ستأوي إلى فراشها في العاشرة ولذلك" اذهب لبيتك باكراً اليوم".. ولكن حتى منتصف الليل لم تكن هناك، ولا في الواحدة، ولا في الثانية ، ولا في الثالثة...ثم هتفت لها فأبلغتني أنها كانت تشرب نبيذاً، وأنها كانت تسهر مع صديق...وسألتني: لماذا تأخرت؟

كانت تحسب أنني أحدثها من البيت ولكنني لم أكن هناك. كنت على بعد صرخة واحدة منها .كنت سألت في البيت عما إذا كان أحد قد هتف فقيل لي أن جرس الهاتف دق مرة أو مرتين دون جواب فهتفت لها ، وهذا – يا فائزة- ما كانت تريد أن تقوله ! هل تتصورين؟ كانت تجهد لتنال أذني كي تصب فيهما اللعنة..ترى ما الذي يذّكر هذه الإنسانة بي ، إلا الذل؟

ما الذي حدث هذه الليلة؟ إنني مجنون . هذا شيء حقيقي: حين كتبت لك الصفحات السابقة كنت ، أيضاً ، على بعد خطوات منها ، في المقهى المجاور وسيارتي إلى جانب سيارتها ، ومثلما حدث وتوقعت لم تكترث، وذهبت، وكنت أشرب كأساً مع كل صفحة حتى صار الليل وفتك الكحول بكتفي فلم يعد بوسعي أن أحرك ذراعي وقدت السيارة في المطر والغبش والذهول بهدوء لم يكن عندي في حياتي ، وقررت أن لا أرى أحداً... لم أفكر بالموت، فكرت بالتعاسة فقط وعرفت أنني سأكون تعيساً إلى أمد طويل . إنني أحبها وهذا شيء لا أستطيع أن أنكره ولا أن أنساه ولا حتى أن أغفره لنفسي ، وحين لمست أصابعي جسدها ذات ليلة راودني شعور مخيف، أخافني حقاً، بأنني لم ألمس امرأة من قبل.

وها أنذا مكسور ومطعون وبعيد عن كل شيء ، غداً لن يكون يوماً آخر.. وأنا أعرف أنني أحتاج أن أكون وحيداً تماماً ربما ثلاثة شهور، أظل أكتب في هذه الأوراق لك، يوماً بعد الآخر، لتري بعينيك قصة رجل ينتهي، أو يبدأ، أو ينزلق،أو يغترب، أو يموت بالصدفة بعد ذلك كله.

وما الذي بقي لأفعله أيتها العزيزة؟ ما الذي بقي؟ بعد قليل سأشرب قهوة أخرى ، وأحتاج لكأس حليب كي يظل صدري قادراً على التنفس .. وسأمشي ، ولكنني لن أرى أحداً... وسأضع نفسي في مكان أبعد وأنأى من أن أسمع فيه صوتها وأكثر انخفاضاً من أن يتيح لي رؤيتها أو التحدث إليها.

أجلس الآن في الشمس وأكتب. مررت من أمام بيتها عشر مرات ورأيت سيارتها ووقفت على حاجز الروشة أتفرج على الناس والأطفال والموج وأنا أكاد أغفو على الحاجز. لأول مرة منذ سنوات نسيت الإبرة اللعينة ونسيت الطعام.. تراها سألت عني؟ ذلك لن يكون إلا إذا كانت تريد أن تراني معذباً، أو تريد أن تنصحني تلك النصيحة التافهة : اذهب إلى بيتك باكراً.. أو تقول لي : لماذا تغار؟ بعيدة عن الحقيقة بعيدة بعيدة..ستجد ألف عذر لترضي هذا الطفل القنوع الغبي ، وكالعادة لن يكون بوسعي أن أقول لها : لا ، وأمس ليلاً ماذا حدث؟ ماذا يمكن أن يكون قد حدث غير أنها كانت فخورة بأنها قادرة على الخروج مع شاب آخر ، أو مع نفسها، وأنا أنتظر؟

وما الذي أريده.. ما الذي أريده من كل شيء يا فائزة؟ ما الذي يريده هذا الطفل المدلل الضائع الغبي الذي تحول إلى كرة متشابكة من الأعصاب والجروح.



=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=


وراحت جاكلين وراحت منى وراحت كوكب :أتمنى على جاكلين ومنى وكوكب عدم تمزيق رسائل غسان إن كتب لهن ذات يوم لأن تلك السطور لم تعد رسائل شخصية تخص تاريخهن بل تخص تاريخ الأدب

قابلتها أول مرة : التقينا للمرة الأولى في جامعة دمشق أمام باب قاعة الامتحانات الشفهي ولم أكن قد سمعت به أديباً يومئذٍ. بعد أيام الجامعة لم نلتق فترة أربعة أعوام حتى التقينا مصادفة في جريدة المحرر ببيروت، وكان غسان مصراً على إلغاء تلك الأعوام من حياته وحياتي

.................................................. .................................................. .......................... : هذا السطر المشطوب ألغاه غسان بنفسه، وكانت الرسالة هكذا عندما استلمتها،وحاولت كثيراً قراءته وفشلت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:21 pm

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 U12_GhassanK


ماذا قيـــل في رسائل غسان كنفاني ؟؟؟!!!


دراسة نقدية لكتاب رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان



أثار هذا الكتاب ضجة لم تهدأ حتى الآن عندما كشفت غادة السمان عن هذه الرسائل الغرامية التي كانت في حوزتها وقام زوجها بنشرها فقد كانت خطوة جريئة وسط مجتمع عربي تعود على التكتم ولكنها فقط ذكرت نصف الحقيقة!!!!



في سنة 1971 أصدر أنيس منصور كتابه " يسقط الحائط الرابع" وكان أول ناقد يكتب عن غادة السمان وقال عنها " إنها مثل كرة من القطن المشتعل تنطلق في كل مكان، إنها تبحث عن ماء يخمدها فإذا وجدت الماء رفضت وقاومت وصرخت....ما الذي تريده ؟!! إنها تريد أن تظل مشتعلة وأن تحلم بالماء!! "

وحينما كتب عن أعمالها " ليل الغرباء" و "عيناك قدري" و "البحر في بيروت" وصفها بأنها أديبة غير منتمية...وتريد أن تنتمي وحينما نقل بعض العبارات من كتبها مثل " قال لي انصهري فانصهرت، قال انسكبي فانسكبت" ومثل " طالما بكيت لأنني سقطت وحدي ولم يرفعني أحد..حتى أبي لم يرفعني لأنه هرب مع امرأة ضائعة مثلي !!" "صوت حبيبي من الجبال إلى التلال أنت جميلة يا حبيبتي ...عيناك..وشعرك وأسنانك وشفتاك وفمك..في الليل عل فراشي طلبت حبيبي فما وجدته."

قال أنيس منصور عبارته التي اشتهرت..جاء أدب الأظافر الطويلة من لبنان !! أي جاء على يد غادة السمان وليلى بعلبكي ...وكوليت سهيل – الأظافر عليها الطلاء وتتعشقها رائحة البارفان ولكن احذر إنها طويلة!!..

ولكن الدكتور غالي شكري جاء بعده واهتم فقط بغادة السمان وأصدر عنها عن دار الطليعة في بيروت سنة 1977 كتابه الجميل " غادة السمان بلا أجنحة" وقال وقتها الإخوة في الشام عبارة جميلة لها معان.. قوصته السمان أي قتلته باللهجة الشامية...والمعنى إشاعة حب بينهما – فلا يمكن أن يخصها وحدها بكتاب من غير الأخريات وبخاصة ليلى بعلبكي، إلا إذا!!! وفي سوريا يقولونها كثيرا إلا إذا كان؟!

مع أنه عرّف باقي أديبات بيروت ودمشق قبلها في كتابه "أزمة الجنس في القصة العربية" سنة 1961ولكنه في طبعاته الأربع غير وبدل فيه ولم يضف إلى الذين كتبوا عن الجنس غادة السمان...عجباً؟!
__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:23 pm

حب رجل بسيط

المهم أنها اعترفت بعلاقة حب بينها وبين غسان كنفاني هذا الاعتراف قلب الدنيا ...إذ إنها قالت فيه "لا أستطيع الادعاء ..دون أن أكذب –أن غسان كان أحب"رجالي" إلى قلبي كامرأة كي لا أخون حقيقتي الداخلية مع آخرين سيأتي الاعتراف بهم - بعد الموت" إذن فأنت الفتاة الجالسة على حجر العفريت في ألف ليلة وليلة والتي قابلت شهريار وأخاه ومارست الهوى معهما وأظهرت لهما خيطا من الخواتم لرجال آخرين فأعطاها كل منهما خاتمه.

المهم هذا: هز الاعتراف الوسط الأدبي كله رجال ..ونساء..ماذا لو فعلها باقي الكتاب ...آه لو استهوت اللعبة الأدب النسائي؟!

ولهذا قالت له سناء البيسي أعترف بأنك ملكة الرواية بعد رواية " ليلة المليار" وكان هذا يكفي ...لماذا الآن وله زوجة وأولاد؟!

ولكن غادة السمان اختارت أن تصدر عن دار الطليعة في بيروت "رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان" راصدة ريع الكتاب لمؤسسة غسان كنفاني وهو ما رفضته زوجته وأولاده ..

أما ما فعلته غادة ..فلنحكه على لسان
عبلة الرويني ": ومنذ أكثر من ثلاثين عاما أحب الروائي الفلسطيني غسان كنفاني غادة السمان وتبادلا الرسائل العاطفية ...وبدا عاشقا ضعيف القلب ، لا يلتفت كثيرا لما يردده أهالي بيروت عن أنه ساقط في الخيبة، وأنه سيتعب من لعق حذائها البعيد، ومن أنها لا تكترث به، وأنه ملحاح كالعلق ، فكل ما ردده ظل تحت ما يشعره حقا.

هكذا أعلن عن حبه ببساطة ووضوح، مؤكدا أن مشاعره لا يمكن فهمها في شارع الحمراء..

ومنذ أكثر من ثلاثين عاما نسف الاسرائيليون غسان كنفاني ، فاكتملت أسطورته، هو المبدع الفذ الذي يبدأمنه تاريخ تبلور النثر الفلسطيني ، الذي نقل الحبر – بتعبير محمود درويش – إلى مرتبة الشرف حين أعطاه قيمة الدم..وهو النموذج والمثال ، نتاج رحلة العذاب الفلسطيني من السقوط المتمثل في وعاء المخيم، حتى الصعود المتمثل في واقعية البندقية.

نشرت غادة السمان رسائل غسان العاطفية إليها ، دون نشر رسائلها هي إليه، ليظل الكتاب ناقصا ومخالفا لوجه الحقيقة..تقول غادة إن رسائلها ليست في حوزتها..ربما..لكن يبقى تاريخ العلاقة في وجدانها..لكنها التزمت الصمت والموقف الحيادي ..فلم تعلق على رسالة واحدة...لم تضف هامشا، لم تفصح عن صورتها أو ملامحها يوم كانت ، لتتيح أمام القارئ اكتمال المشهد...
__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:28 pm

ثمة رجل يدعى غسان كنفاني

هكذا انتقت بحيادية تامة عباراتها وهي تشاهد الحريق ، وعلى حين تصورت غادة أن كتابها جريء جدا يتحدى "مؤسسات الرياء الاجتماعي" _حسب تعبيرها _ ويرفض الخضوع لزمن الغبار الذي يتكدس في الحناجر ، ولا تملك جرأة المجابهة لأن فعله الحقيقي هو "فعل" غسان، وموقفه الحقيقي هو"موقف" غسان وجرأته الحقيقية هي "جرأة" غسان ، بينما تتوارى غادة دون فعل ، دون موقف دون جرأة ..

أما من هو غسان كنفاني بطل هذه الرسائل..

ولد غسان كنفاني في مدينة عكا بفلسطين عام 1936 ومن عائلة متوسطة انتقل مع أبويه إلى يافا، حيث تلقى دراسته الابتدائية في مدرسة تابعة لإرسالية فرنسية ، وقبل أن يكمل عامه الثاني عشر قامت العصابات الصهيونية بمهاجمة المدن الفلسطينية ..فاضطر إلى النزوح مع عائلته المكونة من أبويه وجده وسبعة أشقاء إلى جنوب لبنان وأقاموا هناك فترة من الزمن..ثم انتقلت العائلة إلى دمشق... في بداية الخمسينيات التحق غسان بحركة " القوميين العرب" التي كانت قد طرحت شعار مناهضة الاستعمار .

في عام 1953 كتب قصته الأولى اسمها " أنقذتني الصدفة" وأرسلها إلى برنامج أسبوعي كانت تبثه إذاعة دمشق تحت اسم "ركن الطلبة" وبالفعل أذيعت القصة مساء 24/11/1953

ثم نشر قصته الثانية في جريدة " الرأي " عام 1953 واسمها " شمس جديدة" التي تدور أحداثها حول طفل صغير من غزة . في العام نفسه سافر غسان إلى الكويت ليعمل مدرسا..وهناك ومن خلال مشاهدته للصحراء ولأبناء شعبه ..وللعلاقات السائدة ...يختزن في ذهنه مئات الصور ...وليستفيد منها بعد سنوات في روايته الشهيرة " رجال تحت الشمس" التي كتبها عام 1963

انتقل إلى بيروت عام 1960 حيث عمل محررا أدبيا لجريدة " الحرية " الأسبوعية ثم أصبح عام 1963 رئيسا لتحرير جريدة "المحرر" كما عمل في " الأنوار " تحت اسم مستعار "فارس فارس" ومجلة "الحوادث" حتى عام 1969 وقد نشر بالأخيرة رواية "من قتل ليلى الحايك" و"عائد إلى حيفا" ثم أسس مجلة " الهدف" الأسبوعية وبقي رئيسا لتحريرها حتى استشهاده.

ففي صباح الثامن من حزيران عام 1972 استشهد غسان على أيدي عملاء إسرائيل عندما انفجرت قنبلة بلاستيكية ومعها خمسة كيلو غرامات من الديناميت في سيارته وأودت بحياته الغالية...تقول زوجته ورفيقة نضاله السيدة "آني": "..بعد دقيقتين من مغادرة غسان ولميس-ابنة أخته- سمعنا انفجارا رهيبا..تحطمت كل نوافذ البيت ...نزلت السلم راكضة لكي أجد البقايا المحترقة لسيارته...وجدنا لميس على بعد بضعة أمتار ..ولم نجد غسان...ناديت عليه ..ثم اكتشفت ساقه اليسرى ...وقفت بلا حراك ..في حين أخذ فايز –ابنه- يدق رأسه بالحائط...وليلى-ابنتنا- تصرخ: بابا ..بابا..لقد قتلوك".

بقي أن نذكر أن المحققين وجدوا إلى جانب السيارة المنسوفة ورقة تقول " مع تحيات سفارة إسرائيل-كوبنهاجن".

هذه الورقة لها معناها المحدد وهي تكشف عن جانب مهم من جوانب نضاله السياسي فماذا تعني هذه الرسالة الغامضة؟
__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:29 pm

زوجة مثقفة وفية

من المعروف أن غسان كنفاني كان متزوجا من فتاة دانمركية اسمها "آني" هذه الفتاة كان لها دور كبير في حياة غسان وفي نضاله ونشاطه الثوري ، وقد اعتمد عليها غسان في توثيق صلاته بكثير من الأوساط الأوربية ..بل واعتمد على مساعدتها له في الحصول على كثير من الوثائق المتصلة بواقع العرب في الأرض المحتلة هؤلاء الذين كانوا يبلغون حوالي ربع مليون مواطن عربي داخل إسرائيل قبل عام 1967والذين أصبحوا أكثر من مليون ونصف مليون مواطن بعد أن وقعت الضفة الغربية لنهر الأردن تحت سيطرة الإسرائيليين ، لذلك فإن هذه الورقة التي عثر عليها المحققون بمكان الانفجار تعني إشارة واضحة للدور الذي لعبه غسان من خلال هذه الزوجة المثقفة الوفية لزوجها ، ولشعب فلسطين العربي، وتجدر الإشارة إلى أن غسان التقى مع "آني " لأول مرة وهي تقوم بزيارة لبعض الدول العربية لإعداد دراسة عن "اللاجئين الفلسطينيين" وقد تعرفت على غسان باعتباره كاتبا فلسطينيا يمكن أن يساعدها في إعداد البحث وتقصي الحقائق..وانتهت هذه المعرفة إلى الزواج.
وبعد أكثر من عشرين سنة تفتح غادة السمان خزانة أوراقها الخاصة وتنفض الغبار عن رسائل غسان إليها وتدفع بها للنشر. نعم يعرف كثيرون أن غسان كان يحبها..وأنه وقع في هواها في 66-على الأرجح- حين كانا يعيشان في بيروت " هل يذكر أحد بيروت في منتصف الستينات قبل أن تهدمها غاشية الحرب التي لم تبق على أحد أو شيء؟" ثم رحلت هي إلى لندن وبقي هو يكتب لها الرسائل من حيث يكون ..من تلك الرسائل اختارت غادة اثنتي عشرة رسالة فيما بين 66و68 ونشرتها مع صور خطية لها ، ومقدمتين.

في المقدمة الثانية...دعك من الأولى التي ليست سوى اقتباسات من الرسائل ذاتها تورد السيدة مبرراتها لنشرها هي ليست_فقط_ الوفاء لعاطفتها الغابرة المتجددة نحوه بل وفاء لمبدع من بلادها اكتمل بالموت. ولا تنسى حرصا منها على علاقات أخرى في الماضي والحاضر ( لا أستطيع الادعاء - دون أن أكذب- أن غسان كان أحب رجالي إلى قلبي كامرأة كي لا أخون حقيقتي الداخلية مع آخرين سيأتي دور الاعتراف بهم...)...وهي تنشر الرسائل دون حذف أو تعديل طلقة في معركتها ، التي لن تهدأ يوما ضد ما تسميه مؤسسات الرياء الاجتماعي . ثم لكي تضيف بعداً إنسانياً جميلاً لصورة المناضل من الداخل قبل أن يدخل في سجن الأسطورة ، وأخيراً تمارس السيدة غادة لحظة صدق، فتضبط نفسها وهي تكاد تتستر على عامل نرجسي لا يستهان به : الفخر بحب رجل كهذا،،أهدى روحه لوطنه وأنشد لي يوما ما معناه:

مولاي وروحي في يده ..........إن ضيعها سلمت يده.

لكن قارئ تلك الرسائل "المنتقاة" (تذكر غادة أنها ليست كل الرسائل ، فثمة أخرى قد احترقت في بيتها في 76) قد لا يستطيع أن يزيح عن نفسه أن هذا الدافع النرجسي هو أهم الدوافع كلها.

إنها تريد أن تظل مشتعلة وأن تحلم بالماء!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:30 pm

حب من طرف واحد



فصورة العلاقة بينهما – كما تعكسها الرسائل هي صورة تعلق جارف من طرف، نراه ونسمع لهاثه ونقرأ كلماته الشاكية الضارعة الغاضبة الآملة، ونحس عذابه الجارف الطاغي لملك الطرف الآخر. بعبارة ثانية أن صورة غادة –كما تبدو في تلك الرسائل – هي صورة فتاة طاغية الأنوثة، مرحة لعوب، في إحدى الرسائل يقول لها .." أنت صبية وفاتنة وموهوبة". وأكثر الأوصاف التي يصفها بها تردداً هي "يا شقية". تعبث بالرجل الذي أيقنت ..من رسالته الأولى – أنه يحبها- والذي تعرف عنه –كما يصف نفسه في رسالته الأخيرة هنا- "كرة متشابكة من الأعصاب والجروح".....وهي في هذا العبث ليست عادلة تستخدم سلاحا موجعا فقد كان غسان زوجا وأبا وكانت هي حرة طليقة.

في إحدى رسائله يحلل غسان علاقتهما مشيراً لهذه النقطة بالتحديد: " لقد استسلمنا للعلاقة بصورتها الفاجعة والحلوة، ومصيرها المعتم والمضيء. وتبادلنا خطأ الجبن: أما أنا فقد كنت جبانا في سبيل غيري، لم أكن أريد أن أطوح بالفضاء بطفلين وامرأة لم يسيئوا إليّ قط ، مثلما طوح بي العالم القاسي قبل عشرين سنة، أما أنت فقد كان كل ما يهمك نفسك فقط..".
__________________



إذلال العشق

وفي أكثر تلك الرسائل حميمية وسخونة وامتلاء بنزف القلب ، تلك التي وجهها غسان لأخته الكبرى فايزة، وهو يعني غادة في كل كلمة من كلماتها يحاول غسان تحليل دوافعه الذاتية العميقة – قدر ما استطاع الغوص والنفاذ-التي تدفعه إلى التعلق بمن تهينه وتذله.

وفيها يروي واقعة صغيرة من هذا الإذلال ..

قالت له في الصباح أنها ستأوي إلى فراشها في العاشرة من المساء. ولذلك" اذهب لبيتك باكرا اليوم" لكنها حتى منتصف الليل لم تكن هناك، ولا في الواحدة ولا في الثالثة.." ثم هتفت لها فأبلغتني أنها كانت تشرب نبيذا وأنها سهرت مع صديق...وهذا يا فايزة ما كانت تريد أن تقوله! هل تتصورين؟ كانت تجهد لتنال أذني كي تصب فيها اللعنة، ترى..ما الذي يذكر هذه الإنسانة في إلا الذل؟"

ولم يكن غسان ظالما لها بل كان – شأن العشاق الكبار- يتلمس لها الأعذار والمبررات فهي وحيدة "لا تستطيع أن تردم الهوة بينها وبين العالم إلا بالرجال، وهي تفضل التفاهة والمشاعر التي تمر على السطح. وأنا أعرف أن الحياة قد خدشتها بما فيه الكفاية لترفض مزيداً من "الأخداش" ولكن لماذا يتعين علي أن أدفع الثمن

أمس صعقتني مثلا حين قلت لها أنني أرغب في رؤيتها فصاحت: أتحسبني بنت شارع؟ كانت ترد على غيري، وكنت أعرف ذلك،ولكن..ما هو ذنبي أنا؟"

ذنبك الوحيد أيها العزيز غسان ، أنك سقطت في هوى أنثى جميلة طاغية تجيد اللعب ويلذ لها أن تعبث بمن يحبها، كنت في حبك لها مستجيباً لأعمق ما في ذاتك وأنبل ما فيها حين وجدتها في مأزق حقيقي قدمت لها جواز سفر وسعيت لها في عمل فكافأتك مكافأة رائعة. كتبت لك رسالة بيضاء . اسمك في أولها ..واسمها في آخرها ، وتركت لك أن تملأ المساحة الفارغة كما تهوى!..
__________________


إذلال العشق

وفي أكثر تلك الرسائل حميمية وسخونة وامتلاء بنزف القلب ، تلك التي وجهها غسان لأخته الكبرى فايزة، وهو يعني غادة في كل كلمة من كلماتها يحاول غسان تحليل دوافعه الذاتية العميقة – قدر ما استطاع الغوص والنفاذ-التي تدفعه إلى التعلق بمن تهينه وتذله.

وفيها يروي واقعة صغيرة من هذا الإذلال ..

قالت له في الصباح أنها ستأوي إلى فراشها في العاشرة من المساء. ولذلك" اذهب لبيتك باكرا اليوم" لكنها حتى منتصف الليل لم تكن هناك، ولا في الواحدة ولا في الثالثة.." ثم هتفت لها فأبلغتني أنها كانت تشرب نبيذا وأنها سهرت مع صديق...وهذا يا فايزة ما كانت تريد أن تقوله! هل تتصورين؟ كانت تجهد لتنال أذني كي تصب فيها اللعنة، ترى..ما الذي يذكر هذه الإنسانة في إلا الذل؟"

ولم يكن غسان ظالما لها بل كان – شأن العشاق الكبار- يتلمس لها الأعذار والمبررات فهي وحيدة "لا تستطيع أن تردم الهوة بينها وبين العالم إلا بالرجال، وهي تفضل التفاهة والمشاعر التي تمر على السطح. وأنا أعرف أن الحياة قد خدشتها بما فيه الكفاية لترفض مزيداً من "الأخداش" ولكن لماذا يتعين علي أن أدفع الثمن

أمس صعقتني مثلا حين قلت لها أنني أرغب في رؤيتها فصاحت: أتحسبني بنت شارع؟ كانت ترد على غيري، وكنت أعرف ذلك،ولكن..ما هو ذنبي أنا؟"

ذنبك الوحيد أيها العزيز غسان ، أنك سقطت في هوى أنثى جميلة طاغية تجيد اللعب ويلذ لها أن تعبث بمن يحبها، كنت في حبك لها مستجيباً لأعمق ما في ذاتك وأنبل ما فيها حين وجدتها في مأزق حقيقي قدمت لها جواز سفر وسعيت لها في عمل فكافأتك مكافأة رائعة. كتبت لك رسالة بيضاء . اسمك في أولها ..واسمها في آخرها ، وتركت لك أن تملأ المساحة الفارغة كما تهوى!..
__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:31 pm

صراع بين الأنثى والكاتبة

ومن سياق الرسائل أيضاً نفهم أن ثمة صراعاً كان ناشباً بين الأنثى والكاتبة فيها( كان يصفها بأنها "امرأة حتى كعب حذائها" ويخاطبها" أيتها المرأة قبل ألف من أن تكوني أديبة وكاتبة")

وكان غسان يحاول أن يدفع صاحبته نحو الانحياز للكاتبة فيها، نحو النصف الأعلى لا الأسفل، يكتب مرة ضارعا إليها أن تكتب له: " اكتبي أيتها الحلوة الذكية، تمسكي بهذا الشيء الذي يستطيع إلى الأبد أن يكون درعك أكثر مما يستطيع أي رداء مبتكر و"قصير" أن يفعل ، بالنسبة لك الحياة ملحمة انتصار تبدأ من العنق فما فوق، فلتجعلي همك هناك..اطرحي مرة وإلى الأبد ، حيرتك الأنثوية المغيظة بين رأسك وركبتيك فتكسبي رأسك ورؤوس الآخرين وعظمة أنوثتك"...

لمن كانت تغني مزاميرك يا غسان؟

أخيراً أعود لملاحظة سناء البيسي : لعلي أجد " غسان كنفاني" في روايتها "ليلة المليار" (يعرف أنهم يطاردونه...يحدس حضورهم الذي يزداد اقترابا بالحاسة نفسها التي كانت تنبهه في السجن إلى الجلاد القادم ليسوقه إلى قاعة الاعتراف أو النسيان...)

" آه ذلك الأحمق الذي كنت أعشق، والآن لم أعد أعرف شيئاً..أحببته بجنون ذات يوم لأنه رائع لا يقول إلا الصدق – كما علمه والده القروي – ولم أكن أدري أن مبرر حبي له سيتحول يوماً إلى مبرر بؤسي"

فهل هو خليل في روايتها ...ليلة المليار؟؟؟؟ ربما!!!!

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الأصيلة
تقدمي نشيط جدا
تقدمي نشيط جدا



انثى
عدد الرسائل : 246
تاريخ التسجيل : 11/09/2007

غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان   غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 Emptyالسبت أبريل 12, 2008 6:33 pm

تمـ بحمد الله
غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان - صفحة 2 1594;1587;1575;1606;
غسان كنفاني
الى اللقاء
منقول الامانه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
غسان كنفاني (رسائل تحت الشمس) الى غادة السمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: القسم الثقافي :: منتدى الثقافة والمعلومات العامة-
انتقل الى: